هي تجربة عميقة تعيشها بكل كيانك. تنقلك إلى أعماق فترة الخدمة العسكرية الإلزامية في ظل نظام الأسد، حيث يُختزل كل شيء تحت عنوان واحد: “كسر النفسيات.”
بين صفحات الكتاب، تتكشف صور من الإذلال الممنهج، والظلم الذي يتغلغل في كل زاوية، والتجويع المتعمد الذي يحطم الروح، وسط فساد مستشرٍ يلتهم كل قيم العدالة.
الثكنات العسكرية في سوريا الأسد ليست سوى معتقل، يعكس ما يحدث في سوريا الكبرى، حيث تتحول الحياة إلى صراع يومي من أجل البقاء، في ظل نظام لا يرحم.
لفتني هذا الاقتباس الذي يركز فيه الكاتب على هندسة السجون التي اعتقل بها ثم الثكنات العسكرية التي قضى فيها خدمته الإلزامية:
"أمعن المهندسون في البناء ليغدو دائرياً، وإن حصل وتخيل المرء الآن بدون استعانة بخرائط توضيحية، سيرى أنه يبدأ من الباب نحو القيادة بخط مستقيم، ثم إلى المهجع، ثم إلى غرف الضباط الصغيرة، وصعوداً نحو الأعلى، نحو التلال المحيطة حيث نقاط الحرس التي تشبه البثور على جلد أبيض، الأمر واضح وجلي، لقد أمعن المهندسون في أن يكون المكان متمماً للعيش وأحواله داخله، كل أمر مخطط له مسبقاً، ألا يغدوا المكان منفساً لسخط الجندي، بل أن يمعن في غضبه وشعوره بالوحشة التي تنمو داخله منذ اللحظات الأولى لقدرمه من العالم الآخر، أن يرفض شخصيته القديمة مستبدلاً بها أخرى، قذرة، أنانية، تبحث عن المأوى لنفسها، فيما لا يهم إن كان الذي بجوارها في حالة سيئة، إمعانا في تحقيق هذه العبارة: "عسكرية دبر راسك"