إذا كانت هذه هي الرواية الأولى للكاتبة.. فتخيل معي كيف ستكون الرواية الثالثة أو الرابعة مثلاً لنفس الكاتبة؟
بكل تأكيد ستكون أفضل بكثير.. فلدى "هبة أحمد حسب" العديد من الهبات في الكتابة.
ولكن لنتوقف قليلاً مع الغُلاف:
ستة أشخاص غارقين لا يظهر منهم غير يد واحدة من كُل شخص.. يد تحمل قلم.. القلم الذي سينقذهم! فهل أنقذهم قلمهم؟
قصة الرواية تبدأ عندما تم العثور على "إسماعيل" مقتولاً في غُرفته.. سكين اخترق جسده ليُدميه.. لنتعرف على ساكني الفيلا وغُرفها من خلال مُذكرات وجدها "بربنط" صديق "إسماعيل" مُنذ الطفولة.. المُذكرات التي ستجعلنا نعرف من هو القاتل؟
ولكن صدقني هذه ليست رواية "من القاتل؟" أبداً.. كُلهم لديهم الدوافع.. كُلهم لديهم الأحقاد.. ولن أتفاجئ إذا كان أي شخص.
فشخصية "إسماعيل" هي شخصية -وبلا فخر- ستكرهها من اللحظات الأولى.. شخصية مُتسلطة سليطة اللسان والأفعال.. يُقرر تكوين مجموعة ويُجندهم لصالحه من أجل الوطن!
فيستغل أوقات ضعفهم وحيرتهم وإحتياجهم ليربطهم بعقد طويل الأمد في مجموعته.. ألا تتذكر كياناً يفعل ذلك بالضبط؟
بالطبع الشيطان!
فـ(إسماعيل) كان التجسيد البشري للشيطان يأمر جنوده بأفعال غريبة..
أنت لن تتحدث مع عائلتك!
أنت ستعطينا مُرتبك!
أنتي لن تري أبعد من حدود غُرفتك!
وأنت ستراقب فُلان!
وأنت ستسافر تركيا معها!
وأنت ستُصبح فوزية! نعم أنسى رجولتك وذكورتك فستُصبح خداماً للمجموعة أو أعذرني خدامة للمجموعة!
فكيف بحق كُل شئ كانت هذه المجموعة خانعة إلى هذا الحد؟
وسط كُل تلك العلاقات الملتوية والمُقززة والخيانات هُناك العديد من الرمزيات الواضحة صراحة والمُستترة خفية.. فـ(إسماعيل) ضابط أمن الدولة.. وشخصيته السيكوباتية كانت مجالاً واسعاً لكي نرى العديد من الرمزيات السياسية والإجتماعية والكثير والكثير.
رُبما كان هُناك بعض التخبط في الأحداث.. رُبما كان لا بُد أن يكون وجود "بربنط" الذي وجد المُذكرات التي تحكي حكاية الأشخاص أكبر من ذلك حيث أنه الوحيد الذي شاهد كُل شيء وهو الذي يُعتبر راوي قصتنا.. رُبما كانت تحتاج أن تكون الرواية أكبر من ذلك واصفة كُل الإنفعالات النفسية التي مرت بها شخصياتنا. لأننا مع شخصيات فريدة بحق. حتى الفلاش باكس الذي كان يتم لأغلب الشخصيات كان له دور وفعال في التكوين النفسي والتفكيري لشخصياتنا.. ويُفسر لنا لماذا شخصيات المجموعة خانعة إلى هذا الحد؟ ولماذا شخصية "إسماعيل" متوحشة إلى هذا الحد؟
تُركت بعض الخطوط مفتوحة عمداً أو تقصيراً لا فارق.. فماذا سيضر الطير حين يخرج من سجنه؟
"كان الناس في نظري إما طيبون وإما أشرار. ولكنهم في الحقيقة ليسوا كذلك. هم في الحقيقة خليط بين هذا وذاك، خليط يضعنا في حيرة حقيقية، حين نحكم عليهم أو حين نكون ردودو أفعال تجاههم. يكون الأمر في أسوأ حالاته، عندما تنتقهم من أحدهم -من وجهه الشرير- فيتصدر لك وجهه الطيب المُنكسر. وحينئد إما تتراجع وإما تعيش بتأنيب الضمير، رغم أنك تأخذ حقاً مسلوباً، ولم تتجن من البداية."
في الختام..
بكل تأكيد كانت تجربة لطيفة.. وجيدة.. مع كاتبة هتكون أفضل مع الوقت بمزيد من الروايات والكتابة..
أنصح بها.