على جسر وستمنستر

هناك علاقة غريبة غير مبررة تجمعني بالجسور فمنذ فترة طويلة جذبني عنوان رواية "عناق على جسر بروكلين لعز الدين شكري فشير" و في روايات المؤلف الفرنسي غيوم ميسو أحببت كثيرا "جسر مانهاتن" الذي رايته من خلال قلمه و هاهنا يأتي جسر آخر يحلُ ضيفاً على مجموعتي و كأني من هواة جامعي الجسور.

و قبل البداية فلنرى سويا هذا الجسر الذي اختارته "ايثار غراب" عنوانا لكتابها فهو يفصلُ بين عالميْن وزمانيْن ومكانيْن ونفسيْن، ذلك الجسر الذي بُنِي بين عاميْ 1739-1750ميلادية ويعدُّ أقدمَ جسرٍ عبر نهر التايمز في وسط لندن.

بدأ الكتاب بتقديم من "احمد الشهاوي - شاعر مصري" و عادة لا اهتمُ كثيرا بقراءة المقدمات فتصفحتها سريعا بعيناي ثم تجاوزتها لقراءة الكتاب نفسه ، ولكن أثناء القراءة وجدتُ لديّ رغبة في معرفة لماذا هذا العنوان تحديدا الذي اختارته ايثار عنوانا لكتابها ؟! وددت لو أعرف أكثر عن ايثار نفسها فعدتُ إليها يغمرني الخجل من هروب سابق.

أكثر ما لفت نظري في تلك المقدمة ❞ نصوصُ إيثار غراب هي نصوصٌ مفتوحةٌ على كثيرٍ من الاحتمالات والقراءات والتأويلات، وتعدُّد المعنى، كل حسب قراءته وثقافته وبيئته. ❝

فكرة الاحتمالات والتي رأيتها من وجهة نظري كالتورية في اللغة العربية او النهايات المفتوحة فكانت جلية في قصة "على جسر وستنمستر" حتى إني هاتفتُ صديقي لأعرف أى الاحتمالين شعر به الاقرب اليه ، وحين اتفقنا على ذات الاحتمال أغلقتُ الهاتف وبداخلي سكينة و هدوء.

اما في قصة "غبار" فقد راودني شعوراً أن ءدالقصة ربما تدور كذلك عن شخص يشعر بالوحدة و يتوق للقاء شخص يظل بجواره دون فراق.

علمتُ أيضا من تقديمه ان عدد القصص بداخل الكتاب حوالي خمسين قصة فقلت لنفسي "يااااه خمسين بحالهم" و لكني حين اقتربت من الوصول تمنيت لو بامكاني العودة البداية ، حين اقتربت .. تمنيتُ ألا أصل .

❞ تلك الأغنية تذكّرها بيوم شاهدا فيلم "إفطار عند تيفاني" معًا.. لم يعجبها الفيلم يومها، لكنها وقعت في حب الرجل الذي دعاها. ❝

ايثار غراب تجمع بين نوعين من الفن الكتابة و الرسم فقد اضافت لكتاباتها قدرا مضاعف من الجمال بتلك الرسوم الرقيقة التي حملت توقيعها و تتبعته باناملي.

حاولت تدوين عناوين اكثر القصص التي لمستني حتى عجزت عن العدّ بعد أن وجدتني دونت اغلب العناوين ، ولكن تبقى هناك واحدة هي الأقدر على مسّ شغافٍ القلب دوناً عن الأخريات فكانت "هروب" التي جمعت بين متعة الكتابة و متعة موسيقى الرحباني.

❞ لحظات أخرى قليلة ستختلسها تحت الماء الساخن ثم تعود .. دائما ما تعود. ❝

فلم نقرأ ؟! نقرأ كي نحيا ما نفتقده .. كي نسمع ما نشتاق اليه... كي نرتحل الى أماكن نتوق للذهاب اليها.

#ماراثون_القراءة_مع_بيت_الياسمين

#ماراثون_القراءة_مع_بيت_الياسمين.

بيت الياسمين - Bait Elyasmin

‏إيثار غراب فنانة تشكيلية مصرية بريطانية تقطن لندن ، ولدت بالقاهرة وتخرجت في كلية الفنون الجميلة بالزمالك عام ٢٠٠٥ ،‫ من عائلة أدبية إذ كان والدها شاعرًا وهو عبد الحميد عبد الهادي حسن.

رغم عدم اقتصار أعمالها على مدرسة فنية واحدة فقد امتازت ببراعتها في فن البورتريه ولوحاتها التعبيرية والسيريالية والواقعية ، نشرت أعمالها في مجلة تايم الأمريكية ضمن مشروع فوتوغرافي عن الفنانات المسلمات عام ٢٠١١ ، شاركت في أكثر من برنامج بريطاني في العام ٢٠١٦ و شاركت في برنامج قناة سكاي آرتس البريطاني "فنان بورتريه العام ٢٠١٨".

‏علي جسر وستمنستر هي مجموعة قصص قصيرة جداً في مرادفاتها وأوصافها لكنها كثيفة الحضور والمشاعر ، كل قصة حملت رؤية خاصة إما من خلال الأحداث أو علي لسان الراوي ، حتي إن انتهت القصة بنهاية غير معلومة فستتوقع مما قبل النهاية ما حدث وسيقع بداخلك الإحساس التي أرادت الكاتبة إيصالة من البداية.

⭐⭐⭐.

اقتباسات :-

❞ الأفكار الصاخبة أعلى صوتًا مما تتخيلين. ❝

‏❞ كم مرة أجد نفسي في الموقف ذاته.. يأتيني كل منهم بالكثير من العناية والاهتمام والشغف، يتحسس طريقه إلى قلبي رويدًا رويدًا وبرفق، أفتح قلبي على مصراعيه، أدعه يقرؤني، أبوح بأسراري.. حتى ينتهي الكلام في لحظة لا مفر منها. ❝

#حصيلة_أكتوبر٢٠٢٣

🔺️اسم الكتاب : على جسر وستمنستر .

🔺️اسم الكاتبة : إيثار غراب

🔺️نوع الكتاب : قصص قصيرة

🔺️اصدار عن : بيت الياسمين

🔺️عدد الصفحات : 112

🔺️سنة الإصدار : 2021

🔺️التقييم : ⭐⭐⭐

كتاب فني بجعبته الكثير من القصص او الخواطر القصيره ، تشترك حميعها في أنها عمل فني يحمل في طياته مختلجات نفسيه ، مشاعر إنسانيه ، حتى الجماد والحيوان لم تنساهم فلهم خواطر تخصهم ، يحتوي على رسومات للكاتبه والتي هي فالأصل فنانه تشكيلية فقد صورت الكلام بصور صغيره معبره ، رسومات خفيفه لها بصمة لذيذه على القصة.

🔺️اقتباسات /

❞ "لا أحد يهتم لأني أسكت وأسكت لأنه لا أحد يهتم!". ❝

❞ من قال إنَّ الكتب تُقرأ مرة واحدة ❝

❞ صاحت بضعف: صاحبي سيعلمني السير فوق الماء! بسمل والدها واحتضنها خارجًا من الماء بسرعة.. نظرت مرة أخيرة لصاحبها.. لا تراه.. لا بد أن والده أخرجه هو الآخر. ❝

❞ وقفت في بداية جسر وستمنستر تنتظر.. بيدٍ باردة ضمت طرفيْ معطفها الأحمر إلى جسدها أكثر وعدّلت وضع مظلتها السوداء لتقيها قطرات المطر المتلاحقة.. أخذت تزجي الوقت بالنظر لما حولها، حين التقت عيونهما.. ❝

‏

#ماراثون_القراءة_مع_بيت_الياسمين

بيت الياسمين - Bait Elyasmin

على جسر وستمنستر:

- إيثار غراب.

سيكون هذا الكم من الإبداع المكثف مبررًا، إن عرفنا أنّ صاحبته فنانةً تشكيلية في الأساس، فتهز رأسك بهذه المعلومة مستوعبًا كيف كتبت ما كتبت.

قصص قصيرة جدًا أو مشاهد، هي موضوع هذا العمل. باكتنازٍ غير مجحفٍ ولا منقص أبدًا، كُتب الحب والأمل والحسرة والخذلان والخجل والخوف وقلة الحيلة والأسى والانتظار والشغف!

كل مشهد في الكتاب يمكن الارتكاز عليه لبناء رواية! ففي حين يهيكل البعض قصته حول موقفٍ بسيط، ويخلقون له أذرعًا وسيقان، ومن ثم يجعلونه يتكاثر رغمًا عنه، بلا طائلٍ أو جدوى، خلقت هي عوالمًا في أسطر! ولكم عبقري هو ذلك.

مشاهدي المفضلة:

- موعد

- نعي

- غربة

- اثنتا عشرة كعكة شوكولاتة

- فرح

- بيانو

- ومترو، التي رأيت قيه الكاتبة تكتب نفسها وتصف ملابسات عملها.

ومما أضفى للعمل ميزةً أكبر، هو بعض الرسومات التي أضيفت لمشاهدٍ بعينها، فأكملت بذلك لوحتها، ووقعت باسمها في عقلي مرتين لا مرة!

لمحات شديدة العمق والدقة في قصص قصيرة قد لا تزيد عن صفحتين، لكن أثرها يفوق كتب كاملة. أشبه ما تكون بلوحة تختزل في تفاصيلها عشرات الصفحات.