❞ ثم تلهث الأيام من الجري، وتسير بمهل على زمن من حرير، أجني فيه الثمار وأذكر الماضي بسكينة المُعتزل لا تهمني النتائج، انتصرنا أم فشلنا، المهم أن أنتهي، ألا يبقى فيَّ شيء ليُطلب، ستكون هذه أسعد الأيام، سواء بحصيلة المنتصر أو بذلك الاكتئاب الرقيق بعد اليقين من الفشل❝
جوائز للأبطال
نبذة عن الرواية
على عكس الراسخ تاريخيا لم تكن تايتانيك تغرق بسبب اصطدامها بجبل الجليد. بل كنا نقصف بقصائف بقذائف آتية من سفن بعيدة. وبما أنها ليست المرة الأولى التي أدخل فيها هذا الحلم، مشيت في وجهتي دون التفات حتى لا أتأخر على كيت وينسلت، ولكني رأيت هدير، فوق عند صاري السفينة مرتدية ثوب زفاف، ودون مبرر واضح قفز إلى مخي أن هذه ليلة فرحنا وأن الشماريخ التي رأيت الناس يطلقونها في الهواء ليست للإستغاثة بل للإحتفال. فرح قلبي وقلت أن أجري لها قبل وصول المياه إلى ركبتي ولكنني لم أجد سلالم لأصعد إليها وانتابني شك من اللون الأسود الذي كان يرتديه كل حضور الحفل الغارق، ومن الفستان الأحمر الذي اكتشفت اني ارتديه. وعلى الرغم من أن الكل كان يهنئني وهم يعبرونني في اتجاه الصاري فإن أحدا لم يوافق على حملي لما كانت عليه رائحتي الكريهة، اكتشفتها بعدما رأيت هدير على الصاري تبدأ الحفل وحدها وهي تغني من ميكروفون: ارفع كل رايات النصر .. احنا شباب بنحرر مصرالتصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2019
- 396 صفحة
- [ردمك 13] 9789773137564
- مركز المحروسة للنشر والخدمات الصحفية والمعلومات
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتاباقتباسات من رواية جوائز للأبطال
مشاركة من Sara Abo Reda
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
إبراهيم عادل
April 3, 2021
في روايته الأولى، وبعنوانٍ يحمل الكثير من الدلالات «جوائز للأبطال» يقتحم «أحمد عوني» دهاليز مجتمع وسط البلد المصري، شرارة الثورة الأولى وأحد أهم أعمدتها ومحركيها، وينتقل من خلالهم إلى رسم صورة عامة للمجتمع المصري وثورته وكيف كانت بدايتها الحالمة البسيطة أحد أهم أسباب انتكاستها، بل هزيمتها الحالية.
«رامي مصطفى» شاب أرستقراطي، من عائلة ثرية، خريج الجامعة الأمريكية، لا علاقة له بالبسطاء ولا يعرف شيئًا عن «المطالب الفئوية» والمظاهرات والاعتصامات، يقوده حظه العثر إلى التورط في الاشتراك في الثورة، ويتحوَّل في غضون أيام إلى بطلٍ، يتعرَّف في رحلته إلى ذلك العالم الغريب بكل تفاصيله، ويعرض الكاتب من خلاله صورة أخرى مغايرة للصورة النمطية المعتادة عن الثورة وما جرى فيها من تضحيات وفداء، وكيف يُمكن استغلال غياب أحد الأشخاص فيها لتحويله إلى شهيد وثوري ورمز.
كنت أتكلم في أضيق الحدود؛ لأن الكلام معهم كان خطيرًا. يقول أحدهم إن غزو أمريكا للعراق دمره بالكامل، فأكون على وشك قول إن حياة العراقيين بالتأكيد كانت أفضل قبل الغزو، فأتراجع مع تراجعه وهو يقول إن صدَّام سفاح لا يتعاطف معه أي إنسان. وهذه المرة التي كنت قد قضيت فيها اليوم كله أذاكر صفحة «كلنا خالد سعيد»، ودعواتها إلى الوقفات الصامتة وتحديدها ميعادًا لاحتجاج كبير في يناير المقبل، وفوجئت بالليلة كلها سخرية من الصفحة، ومن عبثية تحديد ميعاد سابق لأي حدث يمكن أن يُحدث أي تغيير في هذا البلد.
يقسم أحمد عوني روايته إلى فصول قصيرة كل فصلٍ منها يعود إلى زمن، مقسمًا الأحداث بين ذكريات البطل القديمة، وحكايته عن أسرته، وعلاقته الخاصة بوالده. وفي الجزء التالي حكاية الثورة وكيف كانت البداية، وكيف تطورت علاقته بأصدقائه من خلالها. وفي الجزء الأخير نجد سرد اللحظة الراهنة التي يتحدث فيها عن محاولته للخلاص من كل ما يحيط به.
خلال ذلك التقطيع الزمني المدروس ينتقل القارئ بين حكايات الثورة وحكايات تشكل الوعي الذي حدث لبطل الرواية رامي، وكيف انتقل فجأة من الأرستقراطي ابن صاحب المصنع إلى الشاب الثوري الذي يهتم بمطالب العمال ويسعى لتحقيقها.
ليست الثورة وحدها ما يتناوله أحمد عوني في روايته هذه، ولكنها الأحلام والآمال العريضة كلها، أحلام الحب والزواج والاستقرار، تخبط مشاعر الشباب في تلك المرحلة من حياتهم، وصورة حيَّة لطبقةٍ ربما تغيب كثيرًا عن الكتابات السردية، وتُتَجاهل وتُوصَف بأنها أرستقراطية متعالية على الآخرين، ولكن الاقتراب الحقيقي والواقعي منها هو ما يوضح كيف أنها تحمل همومًا خاصة بها، وكيف يمكن أن يُسْتَفاد منها وتُكيَّف بما ��تفق مع آمال الآخرين وطموحاتهم في وطنٍ حر يعيش فيه الجميع سواسية.
لا أعرف كيف صارت فجأة لي هذه العين الثاقبة، ولمحت صورتي من بين أكوام الجرائد فوق المكتب وعلى الأرفف الواصلة للسقف وعلى الأرض، غرفة مثل أرشيف الصحف التي رأيتها في الأفلام، إنما من دون الموظف البائس الذي كان من المفترض أن أستلف منه سيجارة وهو يدلني على ما أريد. وبينما أزيح الجورنال لأفتح آخر تحته، أدركت أن كومة الجرائد أمامي تخصني، لا أحتاج غيرها كي أعرف كيف أصبحت شهيدًا.
ربما يُتَّهم الكثير من الكتابات الروائية التي تحدثت عن الثورة بأنها توثيقية للحظة التي تخطاها الجميع الآن، ولكن المهم في ظني كيف يستطيع الكاتب أن يصوغ ذلك التوثيق بشكلٍ لا يجعله مجرد عرض صحفي سطحي، لا يحتمله القارئ، ولا يستسيغه في عملٍ أدبي. وربما هذا بالتحديد ما نجح فيه أحمد عوني في روايته، فعلى الرغم من أننا نجد في الرواية سردًا مطولًا وحكايات عديدة سمعناها وعرفناها من قلب الثورة، فإن ذلك كله صِيغ بشكلٍ أدبي وفي قلب حكاية بطل الرواية رامي، الذي يسرد الرواية بصوته، ويجعل القارئ متفاعلًا مع حكايته بشكلٍ كبير.