يعقوب فون جونتن: يوميات معهد بنيامنتا
نبذة عن الرواية
ما نتعلمه هنا قليل جدًّا، ثمة عجز في هيئة التدريس، ونحن صِبْيان معهد بنيامِنْتا، لن نصل إلى شيء، هذا يعني أننا جميعًا لن نكون في حياتنا لاحقًا إلا شيئًا صغيرًا جدًّا وتابعًا. التعليم الذي نتلقاه يتمثَّل على نحو أساسي في تربيتنا على الصبر والطاعة، خصلتان لا تُبَشِّران بنجاح كبير، أو لا تبشران بأي نجاح على الإطلاق. نجاحات داخلية، إِي نَعَم. لكن ماذا يجني المرء من مثل هذه النجاحات؟ هل تَكْفُل المكاسب الداخلية للمرء ما يأكله؟ إنني أحب أن أصبح غنيًّا، أركب العربات وأبعثر الأموال. لقد تكلمتُ بهذا مع كراوس، رفيقي في المعهد، لكنه لم يزد على أن هز كتفيه بازدراء ولم يعبأ بالرد عليَّ ولو بكلمة واحدة. كراوس صاحب مبادئ، إنه يجلس بمنتهى الثبات على السرج ممتطيًا صهوة الرضا والقناعة، وهذه مطيَّة لا يحب أن يمتطيها أولئك الذين يريدون أن يركضوا. وإنني منذ جئتُ هنا إلى معهد بنيامِنْتا، قد توصلتُ بالفعل إلى أن أُصبح لغزًا أمام نفسي. ثم إنني قد تلبَّسَتني أيضًا حالةٌ من الرضا غريبة تمامًا لم أعرفها من قبل. فأنا الآن شخص مطيع بدرجة جيدة نوعًا ما، ليست جيدة جدًّا مثل كراوس الذي يعرف ببراعة كيف يُسرع لتلبية الأوامر كلمح البصر. ثمة نقطة واحدة نتساوى فيها جميعًا، نحن التلامذة: كراوس، وشاخت، وشيلنسكي، وفوكس، والفارع بيتر، وأنا، كلنا نتساوى في الفقر المدقع وفي التبعية للغير. إن نحن إلا شيء صغير، صغير إلى حد التفاهة. مَن يملك لمصروف جيبه ماركًا واحدًا، يُعتبر أميرًا صاحِبَ سُموٍّ. أما مَن يدخن السجائر، مثلي أنا، فإنه يثير القلق بسبب ما يقوم به من تبذير. لنا زيٌّ موحَّد نلبسه. وهذا الزي الموحد يحط منا ويرفعنا في الوقت نفسه. فنحن –بهذا الزي- نبدو كأناسٍ غير أحرار، وقد يكون في هذا شيءٌ من العار، لكننا أيضًا نبدو في هذا الزي بمظهر أنيق، وهذا ينتشلنا من أعماق العار التي يقبع فيها أولئك الذين يلبسون ملابسهم الشخصية تمامًا لكنها قذرة ممزقة. أنا مثلاً، يروق لي جدًّا لبس الزي الموحَّد، لأنني لم أكن أعرف من قبل ماذا ألبس. لكني في هذه المسألة أيضًا ما زلتُ لُغزًا أمام نفسي حتى الآن. ربما يكمن بداخلي شخص عادي جدًّا جدًّا. لكن ربما أيضًا تجري في عروقي دماء أرستقراطية. لست أعرف. لكن الشيء الوحيد المؤكد الذي أعرفه: هو أنني سأكون في أواخر حياتي مجرد صِفْر مُدَوَّر مبهر. سأكون رجلاً عجوزًا يتعين عليه أن يخدم أجلافًا من الشباب المتعجرفين قليلي التربية، أو أتسول، أو أمضي إلى حتفي.التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2020
- 136 صفحة
- [ردمك 13] 9789773138110
- مركز المحروسة للنشر والخدمات الصحفية والمعلومات
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتاب
37 مشاركة