تخوم الأخيولة
تأليف
جاك رانسيير
(تأليف)
جمال شحيد
(ترجمة)
ما يميز الأخيولة عن التجربة العادية، ليس وجود نقص في الواقع، بل وجود فائض في العقلانية. هذه هي الأطروحة التي عبّر عنها أرسطو في الفصل التاسع من كتاب « الشعرية ». فالشعر الذي يقصد به بناء الأخيولات المسرحية أو الملحمية، هو « أكثر فلسفة » من التاريخ، لأن التاريخ يقول فقط كيف أن الأحداث تصل تباعا،ً وطبقاً لخصوصيتها، في حين أن الأخيولة الشعرية تقول كيف أن الأحداث تستطيع بعامة أن تجري. لا تجري الأحداث فيها صدفةً. إنها تصنعها كنتائج ضرورية أو محتملة لتسلسل في العلل والمعلولات. إن التحديدات الأعم للوجود البشري - معرفة السعادة أو الشقاء والانتقال من هذه إلى ذاك - نستطيع أن نثبتها كآثار ناجمة عن تسلسل كهذا. وهذا التسلسل لم يعد قدراً فرضته قدرةٌ إلهية. إنه متضمَّن في نظام الفعل البشري وفي العلاقة التي يقيمها مع المعرفة. هذه هي الثورة التي اجترحها العقل الأخيولي: لم يعد شقاء البطل المأساوي شرطاً مفروضاً بل نتيجة لخطأ حصل: خطأ في مسار عمله وليس تجاوزاً للنظام الإلهي. ويحدث هذا الشقاء بناءً على نهج خاص في السببية. ذلك أنه لا يكفي بأن يكون التسلسل صارماً. يجب أن يكون مفعوله مختلفاً عما كان يُتوقَّع منه. إن التسلسل الجيد للعلل والمعلولات يتأكد بالانقلاب - أو التحوّل - الذي يُحدثه في عالم التوقعات. تكمن عقلانية السرد المتخيّل في كون المظاهر - أو الترقّبات لأن الكلمة اليونانية نفسها تدل على المعنيين - تتهاوى. إنها تدل على ما تنقله حالة إلى الحالة المعاكسة، كما تدل في آن على أن ما كان مجهولاً يصبح معلوماً. ثمة ازدهار وانتكاس، توقع وطارئ، جهل ومعرفة، وتشكِّل هذه التعارضات الثلاثة المصفوفةَ الثابتة للعقلانية الأخيولية الكلاسيكية في الغرب. ويرى أرسطو أن التسلسل الشامل الذي يعزّزها يتضمن طريقتين: فقد يكون ضرورياً أو محتملاً. ولكن، من الناحية العملية، يتولى المحتمَل إثبات الضرورة....
عن الطبعة
- نشر سنة 2021
- 192 صفحة
- [ردمك 13] 978-2-02-129655-6
-
دار الفارابي
تحميل الكتاب