"أنا أيضاً كنت أتوقع أن يكون اصطدام مياه النيل بالبحر اصطداماً فائراً، ولكنه كان كالتقاء عشيقين سئم أحدهما الآخر." - خمس جرائد لم تقرأ بعد لمجيد طوبيا 🇪🇬
نصوص هذه المجموعة القصصية مراوغة، زئبقية، لا يمكن الإمساك بها بملقط نقدي معتاد، بل تستشعرها مجسات خاصة لا تخضع لطغيان المنطق: هكذا ينبغي التعاطي مع أعمال ابن المنيا المجيد، مجيد طوبيا.
يتحدث طوبيا في هذه المجموعة ليس فقط بلسان الموتى والمهاويس والمتسرنمين، بل وبلسان حالهم كذلك، مقدماً بانوراما نادرة لحالات وتحولات هي عين الشقاء الإنساني ولب الكَبَد الذي تطرحنا فيه الحياة، وقد أبدع الرجل في تطويع الحوارات مستخدماً الضمائر المناسبة لكل حالة، واللغة الملائمة لكل قصة، بل ويشعر القارئ وكأن الشخوص تعبر عن عوالم موازية كان من الممكن أن تكون من نصيبه إذا ما مر بدات الظروف.
يرتكن طوبيا في قصصه إلى مخاوف غريزية تعتمل في النفس، ويوظفها أدبياً باقتدار، فتنفذ إلى وجدان المتابع، وتستدعي هواجس لا يمكن صرفها بسهولة، ولعل قصة "مطارحة غرامية" قد اختزلت روح هذه المجموعة بامتياز، بما في ذلك سخف الوساوس التي تدفع بنا إلى هاوية الفصام والانسلاخ عن جبروت الواقع.
#Camel_bookreviews