لا يُمكن أن نعتبر كتاب "نعناع الجناين" للعم خيري شلبي بمثابة رواية، فلنقل أنه يُشبه مجموعة قصصية تتشابه أبطالها في كل القصص، أو يُشبه متوالية قصصية عن قرية ريفية، يتخذها مركزاً للأحداث، مع رؤية المنظور المتعدد لكل شخصياتها، الغزيرة، والمتشابكة، كعادة أي ريف مصري يحترم نفسه، ومن تلك البيئة البسيطة تتوالى الحكايات المُعقدة والمُتشابكة، والتي لا يُمكنك أن تفهمها وتستمع بها إلا إذا كانت من كتابات خيري شلبي، فالرجل يبدو أنه معجون عجناً بالريف، من مصطلحات وأوصاف وأفعال ومهن –كالخريجي وطريقة الكي وأخرى- من شخصيات لا بد أنك رأيتها أو تعاملت معها عن طريق الصدفة البحتة، ولكن أن تعرف كيف تُفكر هذه الشخصيات أو كيف تتصرف، فتحتاج لكاتب ماهر رأى منهم الكثير وتعامل معهم، وفهم كيفية التعامل بالريف.
ينقل لنا "خيري شلبي" العديد من الحكايات الملتفة والساخرة والحزينة أيضاً، في لفيف واحد، حتى تتخذ هذه الحكايات حكاية أكبر، لها أبعاد تمس العديد من شخصيات الكتاب، وعبرة عميقة لم أكن أرى كيفية حدوثها، ففاجئتني.
رُبما يتساءل البعض عن سر العنوان، وتفسيره بالنسبة لي –الذي قد يكون خاطئاً تماماً- هو أن رائحة نعناع الجناين دائماً ما ترتبط بالريف، فبمجرد أن تقرأ الحكايات بعينيك، ستشم رائحة النعناع أيضاً في هذه الحكايات الساخرة والدافئة، وبكل تأكيد المُمتعة.
يُنصح بها.