رحلة في فضاء الزمن
تأليف
عبد المنعم حطيط
(تأليف)
أقف أمام هذا القول متحيّرًا، هل أكتب مذكّراتي لأبقى حيًّا؟ ثمّة تساؤل في رأسي حول هذه النقطة، هل حياتنا هي مجرّد خط أفقيّ من الولادة إلى الموت؟ في الواقع لا أراها كذلك، فميلادي نهار الخميس السابع والعشرين من شباط من عام 1936 لم يكن إلاّ الشرارة التي تشغّل المحرّك، ثمّة ولادات كثيرة حصلت بعدها. نولد من أرحام أمهاتنا مرّة، ومن رحم الصعاب نولد مرّات . في كل إنجاز ولادة، في كل تحدٍ من أجل قضية إنسانية أو سياسية أو اجتماعية ولادة، في نصرة مظلوم ولادة، في كل نجاح ولادة، في كل فشل أتعلّم منه ولادة، في زواجي ولادة، في ولادة ابنتيّ ولادة، في نجاحهما، في زواجهما، في كل خطوات حياتهما لي ولادة جديدة، مع أحفادي لي ولادات متكرّرة؛ وها أنا أولد من جديد على صفحات هذا الكتاب بين أيديكم. إذا كانت المذكّرات نوعًا من أنواع الكتابة التأريخيّة، تروي قصة الكاتب وتسجّل خبراته، والأحداث التي لعب فيها دورًا، أو عايشها من قريب أو بعيد، هي في الواقع ليست كتابة تأريخية، وفق التصنيف العلمي لكتابة التاريخ. ما أضعه بين أيديكم هو ما حبلت به الذاكرة، وما استوطن في أعماق الشعور، إلى جانب أنني سأروي الأحداث من حيث أنا واقف، ومن زاويتي الخاصّة، فرجاءً رحماكم.