رقي عقل الإنسان بالعلم والإيمان ج8
تأليف
عبد العلي الجسماني
(تأليف)
إن من يصدق مع ربه سبحانه وتعالى لا شك تستيقن نفسه صدقها فتحس ببرد والطمأنينة يلامس جبناتها. وهي في الوقت ذاته، تستشعر الاستقرار في جوانحها. ولا شيء أهدأ للنفس ولا أمراً للقلب من استشعار الطمأنينة وسكينة الروح إليها، فبدون تحسس سكينة النفس واستقرار القلب يبقى الفرد متوجساً، خائفاً، ذاهلاً، ...لأنه في داخله خواء، فلا يرد إليه هدوءه إلا الإيمان بحلاوته فيجعله مستقراً بلا خوف، ولا همّ، ولا حزن.
وهذا ما تؤكده الدراسات النفسية الآن. وقد جاء به القرآن، هوية للإنسان قبل ما يزيد على أربعة عشر قرناً. إلا أن إنسان العصر الحديث يعتمد في حياته على نفسه وعلى المجتمع الذي يحتويه، فإذا هو قد فقد هوية ذاته في خضم المخاوف والأوهام، وخسر نفسه فأصبح تائهاً في توهان والاضطرابات النفسية المستهجنة النابعة من دواخل ذاته الحائرة. وهذا التوهان فصمها عن حقيقة واقعها الموضوعي ومن عنا أصيبت بالخدر والضلال، فلا هي هويتها عارفة، ولا هي إلى مجتمعها الذي يسندها راجعة، فضياعها هذا مزدوج ومضاعف ومردّّّّّ ذلك كله إلى هشاشة الإيمان وضآلة الإنسان في عين نفسه.
فالإيمان يمنح الإنسان قوة تجعله يعرف حقاً من هو في واقع ذاته. وكن زاوية أخرى فإن بناء العقل الإنساني من الناحيتين الإيمانية والعلمية يمكن أن تشكل قاعدة رصينة وفعالة لاستكنا شيء من أسراره النفسية، من الناحية التحليلية في الأقل، وإن قاعدة كهذه قد تمثل خطوة رائدة في بحث الإنسان عن ذاته. والخطوة الرائدة هذه، وبإرادة الإيمان، يمكن أن تفضي إلى العثور على معالم هامة في مجالات العلم والحياة، ينتفع بها في رخو الفكر البشري وفي المآل تمكّن الإنسان من استبانة حقائق محددة عن كينونة وجوده في هذا الكون.
وهذا بالضرورة يلزم الإنسان بتحري مستلزمات منهجية علمية رصينة يستعين بها على تحقيق ما يصبو إليه. وهذا أيضاً بدوره يجعله منهجية علمية رصينة يستعين بها على تحقيق ما يصبو إليه. وهذا أيضاً بدوره يجعله على فقد ذاته وتوجيهها صوب ما يعزز مكانته فى أحضان هذا الكون ورحابه الفساح ويأتي في أحد مهام الباحث في علم النفس.
هذا وإن الباحث في علم النفس وليكون بحثه أجدى عليه التمعن في حصيلة النص القرآني العظيم مستعيناً بما هو متاح له من تفاسير ومعاجم. فإن ذ لك هو السبيل الأنجح في مباحث النفس الإنساني، وإن ذلك بالضرورة يستتلي منهجاً علمياًُ ما أمر به القرآن، نفسه، فذلك أدعى إلى فهم علم النفس الإنسانية على وجه أرقى، ولو إلى حد معين. وكان ذلك مما رمى إليه الدكتور عبد العلي الجسماني من كتابة موسوعة القرآن الكريم، وعلى النفس بصورة عامة وهذا الجزء "رقي عقل الإنسان بالعلم والإيمان" بصورة خاصة.