القيادة الأميركية العمياء
تأليف
سيمور هيرش
(تأليف)
القيادة الأميركية العمياء-أو الطريق من 11 أيلول إلى سجن أبو غريب هو كتاب لافت للصحفي الأمريكي سيمور هيرش، الذي يعمل في صحيفة نيويورك تايمز.
منذ 11 أيلول أثار هذا الصحفي التفات القراء بشكل آسر، وبالمقابل أثار غضب إدارة بوش، وخاصة في مقالاته وتقاريره التي كشفت فضيحة سجن أبو غريب. وفي هذا ...الكتاب يضع هيرش بين أيدينا كل ما كتبه وحقق فيه في محاولة منه للإجابة على السؤال الحاسم الذي كان مطروحاً بقوة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وهو: كيف انتقلت أمريكا من ذلك الصباح المشرق عندما هاجم مختطفوا الطائرات مركز التجاري العالمي والبنتاغون ووصلت إلى مستنقع تلك الحرب القذرة والمثيرة للجدل في العراق؟
يوضح الكاتب هنا، على حد قوله، عصارة خبرته "من خلال عمله لثلاث سنوات في إعداد التقارير والتحقيقات الصحفية عن أحداث الحادي عشر من أيلول وتبعاتها. الفكرة التي تمحور حولها عمله هي نقص العمل الاستخباراتي الموثوق والذي يأتي في الوقت الملائم، وذلك فيما يتعلق بالطرف الآخر: إرهابيو تنظيم القاعدة الذين خططوا ونفذوا عمليات اختطاف الطائرات، وحركة طالبان في أفغانستان، وأعمال المقاومة التي أحالت أحلام المحافظين الجدد بخصوص العراق إلى واقع من العنف اليومي وسقوط الضحايا".
فيبدأ الكاتب الحديث عن معتقل غوانتاناموا الأمريكي في كوبا ويشابه بين الممارسات الأمريكية القذرة التي يمارسها الأمريكيون فيه مع المعاملة المشينة وغير الإنسانية التي يتبعونها وحلفائهم البريطانيين في سجن أبو غريب في العراق. ويجري تحقيقات ومقابلات بخصوص هذا المعتقل لفضح ما يجري فيه من فظائع. وهكذا يصل إلى اعترافات المعنيين بالأغلاط والانتهاكات الفادحة التي ترتكب في أبو غريب، والسر وراء تكتم الإدارة الأمريكية والاستخبارات حول ما يجري هناك، ويلمح إلى وجود أيد خفية وراء كل ذلك.
ثم يسلط هيرش الضوء على الأحداث الأخيرة: فيكشف عن الخلاف العنيف داخل إدارة بوش والمتعلق بفكرة الإطاحة بصدام حسين، والربط بين العراق والحرب على الإرهاب، إن وجد. ويسرد الكتاب تفاصيل الحرب على العراق بدءاً من الادعاء بامتلاك العراق مخزوناً من الأسلحة البيولوجية والكيميائية، مروراً بتوقيع الرئيس كلينتون قرار "تحرير العراق" تحت ضغط الكونغرس، وتوطيد أحمد الجلبي –أحد أطراف المعارضة- لعلاقاته مع أعضاء بارزين في الكونغرس والاستخبارات الأمريكية في عهد إدارة بوش الابن، وازدياد الشائعات عن خطر العراق الذي يدعون أنه يمتلك أسلحة دمار شامل، وفرض برنامج "النفط مقابل الغذاء" على العراق، وإعداد خطط الهجوم على العراق، وتجييش الإدارة الأمريكية والشعب الأمريكي لتقبل فكرة الحرب، والتنسيق مع طوني بلير، رئيس الوزراء البريطاني لضمان دعمه لعملية العراق. ثم يوضح تواصل الإدارة الأمريكية مع أطراف المعارضة العراقية، وبخاصة إياد علاوي، وتطمين أمريكا لإسرائيل بعدم تعرضها للهجوم من قبل العراق، وبعدها يتحدث هيرش عن الهجوم العسكري على العراق اعتماداً على ذرائع مختلفة، والأحداث التي جرت خلال هذه الحرب، وتبعات هذه الحرب على جميع الأصعدة وتأثيرها على الوضع العالمي والإقليمي ودول الجوار.
الكتاب، بالحقيقة، شيق وممتع ويحتوي على تفاصيل و"حقائق" ليست معروفة للجميع، وضعها صحفي مثابر عنيد جريء يثق به الناس، ومن هنا تأتي قوة هذا الكتاب.