الخطر الكامن بين الإنسان والمركبة والطريق
تأليف
هاشم محمد نور المدني
(تأليف)
تجوب طرقات العالم أكثر من 800 مليون مركبة ومثلها من الدراجات. ورغم الفائدة العظيمة التي تقدمها المركبات في تسهيل متطلبات الحياة اليومية للناس وفي زيادة رفاهيتهم وفي تحسين سرعة تنقلاتهم ونقل بضائعهم، فإنها في الوقت ذاته تتسبب في زهق نحو مليون ومائتي ألف نفس سنوياً وفي إصابة أكثر من 40 ...مليون فرد. ويمكن تشبيه عدد وفيات حوادث الطرق في العالم بسقوط عشر طائرات بوينغ 747 يومياً. ويمثل الإنسان العامل الرئيس في وقوع الحوادث، وذلك بسبب محدودية إمكاناته الحسية والنفسية، وبسبب تصرفاته وسلوكه حيث يتسبب الإنسان بشكل مباشر أو غير مباشر في حوالي 94% من الحوادث المروية.
ورغم أن سكان الدول المتطورة لا يشكلون سوى 15% من مجموع سكان العالم فإنهم يملكون أكثر من 60% من مجموع عدد المركبات في العالم، إلا أن وفيات حوادث الطرق فيها لا يتجاوز 14% من مجموع وفيات حوادث الطرق في العالم، وعلى النقيض من ذلك فإن دول الشرق الأوسط تملك أقل من 2% من مجموع عدد المركبات في العالم، يقتل فيها أكثر من 6% من مجموع وفيات حوادث الطرق في العالم. وقد فاقت تكاليف حوادث الطرق في الشرق الأوسط 7 بلايين دولار حسب تقديرات عام 1996 أما الآن -بعد عقد من الزمن- فهي أكثر من ذلك بكثير حيث تفوق حالياً خسائر دول الخليج العربية وحدها على عشرة بلايين دولار. والحقيقة أن معدلات حوادث الطرق في معظم الدول العربية تقع ضمن أسوأ المعدلات العالمي’ن حيث تشير تلك المعدلات إلى وفاة حوالي 20 فرداً من كل مائة ألف من السكان من جراء حوادث الطرق في كل من ليبيا والإمارات وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية واليمن وغيرها من الدول. ومن أجل المقارنة نذكر أن معدلات بريطانيا والسويد لا تتجاوز ستة قتلى لكل مائة ألف من سكانها.
إن واقع الإحصاءات المرورية المتبعة فيها وضرورة إعطاء صلاحيات أوسع للقوى العاملة فيها. وهناك عناصر كثيرة متداخلة يجب دراستها بتأن من أجل الوصول إلى معدلات مقبولة. ويتلخص أهم استراتيجيات السلامة المرورية في خمسة جوانب هي التحكم في مستوى التعرض للإصابة ومنه الاصطدام وتطور السلوك الإنساني والتحكم في شدة الإصابة وإدارة ما بعد الإصابة. ومن خلال مثل هذه الاستراتيجيات ووضوح مسؤوليات جميع الإدارات المعنية بالسلامة -العامة منها والخاصة- استطاعت بريطانيا خفض حوالي ثلث وفيات حوادث الطرق فيها- مع ازدياد أعداد المركبات فيها- في الثلاثة عشر عاماً الأخيرة من العقد المنصرم، وكذا كان الحال في الدانمرك.
ولا بد من معرفة حجم التلف الواقع على المال العام والخاص نتيجة حوادث الطرق، وكذلك حجم الخسائر في الممتلكات، وذلك لوضع البرامج المطلوبة من أجل تقليل الحوادث، وخفض آثارها الاقتصادية والاجتماعية والصحية، وتوفير الإمكانات المادية لذلك، وإقناع صناع القرار بجدوى المشاريع المتعلقة بالسلامة المروية.
يتجلى من كل ما سبق أهمية هذا الكتاب الحيوي -الذي استغرق تأليفه قرابة ثلاثة أعوام- حيث يتعلق بالصحة العامة لكافة أفراد المجتمع ويهدف إلى توفير المادة العلمية الصحيحة وإحصاءات مروية دقيقة لكل من أراد أن يقدم شيئاً للمجتمع الذي يعيش فيه كي ما يخفف من الآثار الاقتصادية للحوادث وآلامها الاجتماعية والنفسية والصحية، وحسب إطلاعات الباحث فإن الكتاب يعد الأول من نوعه في المصادر العربية وفق المنهجية العلمية المتبعة في هذا الكتاب، ولذلك فإنه يرجى أن يكون مصدراً هاماً إلى المكتبة العربية.