إذا كان القانون هو أساس المجتمع المدني، فإنه لم يعد قادراً على دعم التعذيب أكثر من دعمه للعبودية أو الإبادة الجماعية.
هذا الكتاب لا يتحدث عن طرق التعذيب وممارساته واشكاله مع انه أورد أمثلة على هذه الطرق، هو دراسة بحثية لكاتب عن مدى تورّط الاطقم الطبية المتواجدة في السجون والمعتقلات لعمليات التعذيب وقد خصّ هذه الدراسة بالسجون والمعتقلات في امريكا والعراق وأفغانستان (جوانتانامو، أبو غريب، باغرام)، يقدم الكتاب نصوص القانون الدولي التي تعرِّف عمليات التعذيب في المعتقلات والنصوص التي تمنع الدول من ممارسة هذه العمليات. إن إيقاع الفعل المسبب للالم الجسدي والشعور بالمهانة والذل لأي معتقل أو سجين يقع ضمن هذه التصنيفات.
لم تقم الطواقم الطبية بممارسة افعال التعذيب فعلياً ما قامت به هو المساعدة على قياس التحمل البدني والنفسي للمعتقلين لقوة وشدة التعذيب وإعطاء تقارير للمستجوِبين تُساعد على تنفيذ هذه العمليات بحدود أدنى من الموت، قاموا كذلك بمعالجة المعتقلين المعَذّبين وإخفاء آثار التعذيب من الرضوض والكدمات والندبات وتهيئة هؤلاء المعتقلين لدورة ثانية من التعذيب، وكذلك يم يقوموا بتسجيل آثار التعذيب في سجلات المعتقلين الطبية بل زادوا على ذلك أنهم زوّروا هذه السجلات، في حالات الوفاة تحت التعذيب لم يقم الاطباء الشرعيين بتسجيل أسباب الوفاة الفعلية وكانت تقاريرهم في غالبها تُشير الى أن سبب الوفاة كانت طبيعية إما ناتجة عن نوبات قلبية او حالات إجهاد حراري او إختناق. وضعت الطواقم الطبية تقاريرهم التي تحتوي على التاريخ الطبي للمعتقل تحت تصرف المستجوبين، الذين استغلوا هذه المعلومات في عمليات التعذيب.
الصمت عن عمليات التعذيب وتجاهل هذه الوقائع وعدم محاولة وقفها أو التبليغ عنها كان من أبرز السمات التي ساعدت على إنتشار التعذيب في سجون افغانستان والعرق وجوانتانامو، وهذه كان للطواقم الطبية نصيب الأسد فيها، حيث ان جميع الذين تعرضوا للتعذيب قد خضعوا لإشراف طبي لإزالة هذه الآثار.
عمليات التعذيب للمعتقلين لم تؤدي إلى إعطاء معلومات صحيحة تُساعد المحققين، بل على العكس اضاعت جهودهم ولم يستفيدوا منها عند إجراء المحاكمات، والضرر الأكبر كان في نفور وزيادة كراهية الشعوب التي تعرضت للاستعمار الامريكي وتعرض ابناؤها للتعذيب للقوات الأمريكية ولأمريكا كدولة، ففقدت بهذا مساندة تلك الشعوب ومساندة حكومات صديقة اصدرت أحكاما بالسجن على بعض المسؤولين الامريكيين كبلجيكا وهولندا والمانيا.
وثيقة رائعة أنصح بقراءتها.