التواصل اللساني والشعرية ؛ مقاربة تحليلية لنظرية رومان جاكبسون
نبذة عن الكتاب
لا خلاف العلاقة القائمة بين الأنظمة اللسانية تشبه تماماً تلك العلاقات التي تربط الأمم والشعوب ببعضها، فالأمم والشعوب الأكثر نشاطاً في السوق العالمية هي التي تصدر أكبر قدر ممكن من منتجاتها الاقتصادية مصنعة أكثر منها طبيعية أولية لتدخل عبقرية أفرادها في تكوين بنيتها، ومن ثمة تزداد قيمة عملتها في ...السوق النقدية العالمية، فتكون العلاقة قائمة على أساس أطرادي. والمنتجات المصدرة تختلف ذاتها من حيث القيمة والعائد، فكلما كانت فيها المسحة الفنية، ولمسة عبقرية الإنسان، أكبرتها عين المستهلك، وزاد عليها الطلب، واتسع مجال انتشارها في أرجاء المعمورة، بينما نجد الإقبال على الطبيعي يكاد يكون وليد حاجة الإنسان، وضرورة لا مفر منها. وهذه الفكرة قديمة قدم مجيء الإنسان إلى هذه الحياة، فالفن الإنزياحي العدولي الذي تدخل فيه ثقافة المبدع، وعبقريته الخاصة، وذكاؤه المنتج لهذا الفن يستهوي العقل البشري، والحس الجميل من أبسط قارئ إلى النخبة المفرزة لهذا الإنتاج الفني والعمل الإبداعي، لأن المسألة على صلة بالإبداع الفني الخارج عن المألوف الذي تعودت عليه حواس الإنسان منذ نعومة أظافره. ولهذا ستركز هذه الدراسة على ما له علاقة بالتواصل اللساني وله وجود في نظرية جاكبسون، مستهلة ذلك بأسرار الانعطاف المنهجي في مساره الفكري الذي تحول بموجبه من تاريخ الأدب إلى اللسانيات ويمنحها في محاكمة علمية حول اللسانيات والشعرية بمونتريال توصية صارت وفقها اللسانيات هي الوريث الشرعي للشعريات ما دامت منتجاتها في إطار المسننات اللسانية، وهي حاملها المادي الوحيد. وتناول الفصل الثاني من الدراسة الخلفية المعرفية التي انطلق منها جاكبسون أثناء هندسة البناء الكلي للتواصل اللساني الممكن داخل الأنظمة التواصلية البشرية ذات الطبيعة اللفظية، وليس من باب الحصر ركز على العملية التواصلية عند (فردينان دو سوسير، والنموذج التقليدي عند كارل بوهلر. وخصص الفصل الثالث للعوامل التي تكتنف كل عملية تواصلية لفظية، وحدد الفصل الرابع الوظائف الناجمة عن هذه العوامل، وكيفية ممارسة وجودها الفعلي، وهيمنتها على الخطاب كلما ركزت العملية التواصلية على عامل من عواملها. ولما كان إلحاح جاكبسون على رفضه القاطع لغياب الشعرية في كل الرسائل اللفظية، على اختلاف قوة حضورها ودرجة هيمنتها فقد تم تحصيل مقولات التوازي التي تعطي للشعرية حضوراً في كل تواصل لفظي كيفما كانت أشكاله التعبيرية.لا يمكن لدراس الفن اللفظي أن يتناوله خارج منظور تواصلي، فكل سلوك لفظي لا بد له من مآل، وكل رسالة لا بد لها من وظيفة، وتبقى العلاقة قائمة بين هذه السلوكيات اللفظية لأنه "من الصعب إيجاد رسائل تؤدي وظيفة واحدة ليس غير"، كما قال جاكبسون. ولما كان الرابط وظائف الرسالة الواحدة وثيقاً ولا يمكن أن تكون هناك رسالة ذات وظيفة واحدة بل تؤدي وظائف مختلفة هرمياً، فإن عمل اللساني يطلعنا بمواقع مختلف هذه الوظائف، ويحصرها، ويعلمها على هرم الرسالة الخطابية المنجزة، ومنها يحدد التصنيف المميز لأشكال الرسائل وخصوصياتها بالاعتماد على "الوظيفة المهيمنة" التي تنسب إليها، وتتلون بمميزاتها. وإذا كان تصنيف الخطابات يستلزم هذا التصنيف الهرمي للوظائف، فإن الهرم بدوره يقتضي عموده تعليم سن نقاط محورية ترتسم عليها لتطلعنا بالمحيط الكلي الذي ينجز فيه خطاب ما، هذه النقاط تشكل في مجملها دارة التواصل، ولا يمكن استبعاد نقطة منها لأنها تشبه الدارة الكهربائية تماماً، والخطاب فيها هو التيار، فلو أسقطنا عنصراً في الدارة انقطع التيار، أو على الأقل تختل الدارة، ويتشوه مخططها البياني، وكذلك الأمر بالنسبة للدارة التواصلية الكلامية فغياب عنصر منها يعرقل السير العادي للرسالة، أو يحدث على الأقل خللاً في المخطط النموذجي "للعوامل المكومة لكل صيرورة لسانية ولكل فعل تواصلي لفظي".عن الطبعة
- نشر سنة 2007
- 68 صفحة
- [ردمك 13] 9786140205598
- الدار العربية للعلوم ناشرون
تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد
تحميل الكتاب
16 مشاركة