امرأة بلا ملامح
نبذة عن الرواية
"وكنت (ورقلة) تهجعين كتمثال نوميدي مفتون بجماله في منحدر رملي قاتل ومسموم! جزيرة خضراء في خضم من النار! هل أريد أن أنساك بالسرعة نفسها التي استنفذ بها رملك دهراً من حياتي!؟ وحين تخون المدائن أطفالها، يختنق الضوء والهواء..ها مرّ عام وعامان آخران، وأنا أدوس بأقدامي أحلاماً مكبوتة وأماني وذاكرة ...مثقوبة! تمددت أياماً وليال، على أرصفة مجهولة النسب، كنت مفتوناً بأشعار (نزار) والمثاني السبع للقرآن! وحفظت كل المقررات الدراسية.. كنت الأول دوماً في الفصل.. أدمنت أطباق الفول الممدود في المطاعم الشعبية القذرة النائية.. كل من يعرفني يحبني، وكل من يحبني يتحاشى لقائي.. كانت الهالة التي تحيط بي مثار إعجاب وتوجس في آن.. هل بعد هذا حققت شيئاً كبيراً سيدتي؟ هل تبدو حياتي استثنائية كما كنت أود دزماً؟ في هذه المدينة التي فقدت صحوها مذ غادرها الإباضيون الى وادي ميزاب أنام باكراً لأنهض فجراً، عودت نفسي على الصلاة وترتيل القرآن ومراجعة كل الدروس.. وحين تشرق الشمس أرتدي البذلة الأنيقة، أتعطر، أخرج من الغرفة متمتماً بأذكار الصباح، في المقهى أتناول فطوري المعتاد، قبل أن ألتحق بحجرات الدراسة، أقتني جريدة اليوم، أطل على الصفحة الثقافية ثم أدوسها تحت أقدامي! طيلة النهار تحتويني المخابر والورشات، تزكم أنفي رائحة المحاليل والأسمدة.. ذهني مثقل بهموم النبات ومشكلات الحشرات الضارة.. وأنا صامت بلا أحاسيس تستفزني.. بلا نبوءة! تماثلت أيامي.. كانت بلا معنى.. بلا حلم.. بلا صدفة ذكرى آوى اليها! وكان صدري خاوياً.. طاحونة هواء! فهل بعد هذا يلزمني البقاء فيك –ورقلة- المستحقة في نهر الزنج! كنت أفتش عن مسبب وحيد أبرر به هروبي." عندما تصبح هموم الوطن مستعصية.. وعندما يصبح المواطن على حافة الإنسحاق تضحي أحلامه محرمة.. وآماله مؤجلة.. وعواطفه مبهمة وضائعة بين الأمل وبين السراب.. هذا ما تصوره تلك الرواية التي أضحت بلا ملامح.. وذلك من خلال الشخصية المحورية التي تمثل رمزاً للمواطن الذي يعشق امرأة ضاعت ملامحها لديه عند ضياع ملامح الوطن.أنا جد متعب وحزين! في البدء كان الله.. وكانت (هيفاء) زهرة المدائن المتوحشة! وأمي حورية بلا ريب، كان وجهها آت مع رائحة الأتربة المبللة بشذى البخور، نازفاً كالمطر، غامضاً كدغل في محراب إفريقي موحش! إيه جدتي... هي ذي الأرياح توقع ترتيل النهاية على أرصفة تحضن في فزع أجساد من سقطوا، هل تذكر الأرصفة بعد دهر ملامح وجوههم أشكالهم.. ألوانهم وأسمائهم! لو كانت بغداد مثل أي مدينة أخرى في العالم لاشتاقت إلى موائدها الأنيقة وعطورها وشهواتها الفجة كل العيون البريئة... لكنها بغداد، وما مثل بغداد من مدينة عربية! وفي النهاية اكتشف أنني أمام وجوه كثيرة لامرأة واحدة، أمي وجدتي وبغداد وهيفا... وأتساءل: إن كنت أحفظ تفاصيل وجهك، أحاول أن أرسم لك شكلاًن تأتي كل الصور مشوهة، وأجزم أن لا ملمح لوجهك إلا بياضه.التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2007
- 144 صفحة
- [ردمك 13] 9786144216729
- الدار العربية للعلوم ناشرون
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتاب
15 مشاركة