كوندي ؛ قصة نجاح كوندوليزا رايس
تأليف
أنطونيا فيليكس
(تأليف)
تعتبر كوندوليزا رايس أكثر النساء تأثيراً في تاريخ حكومات الولايات المتحدة بصفتها وزيرة للخارجية، وصديقة مقربة من الرئيس جورج بوش الابن، وأكثر المؤتمنين على أسراره. ولعلها أيضاً إحدى أشهر النساء السود في العالم أجمع. وقد تبوأت منصب وزيرة الخارجية بعد توليها منصب مستشارة الأمن القومي للرئيس، وبعد قيامها بمهام متعددة ...بصفتها باحثة، وأستاذة جامعية، ومديرة للجامعة، ومستشارة في السياسة الخارجية، مما أبعدها عن مسقط رأسها بيرمنغهام في ولاية ألاباما إلى دنفر في كولورادو، وإلى بالو ألتو في كاليفورنيا، ثم إلى البيت الأبيض، وكل ذلك وهي لما تزل في سن الخمسين.
من هي يا ترى هذه المرأة القوية التي شهدت بنفسها بعض أحلك لحظات الأمة وكذلك أشدها سطوعاً، والتي كانت لاعباً رئيسياً في صياغة رد الحكومة على فواجع الحادي عشر من أيلول/سبتمبر؟ من هي هذه المرأة التي تؤمن البعض أنها ستكون في المستقبل حاكمة ولاية، أو حائزة على مقعد في مجلس الشيوخ أو نائبة للرئيس أو حتى رئيسة للبلاد؟
تستند قصة "كوندي" على تراث عائلي مدهش، فأجدادها لأبيها وأمها كانوا، من جهة من البيض الذين يملكون العبيد، ومن العبيد من الجعة الأخرى. تتحدر كوندوليزا رايس من سلالتين هما آل رايس، وآل راي. عرفت العائلتان بحب العلم والتفوق في الدراسة. ولدت كوندي في العام 1954 في بيرمنغهام، وهي المدينة التي كانت تسودها قواعد الفصل العنصري، ونشأت في الحي الحديث والمتطور من المدينة، وهو الحي الذي كانت تسكنه طبقة متوسطة من السود. أطلق عليها والداها، المدرسان المحبان للموسيقى، اسماً مشتقاً من صفة للموسيقى هي كوندوليزا، والتي تعني "عذبة".
بدأت عائلة رايس بتمكين ابنتهما الوحيدة من تلقي دروس العزف على البيانو منذ أن أتمت سنتها الثالثة، وأغنيا طفولتها بدروس الباليه، التزحلق الإيقاعي، وبتعليمها اللغتين الفرنسية والإسبانية، بالإضافة إلى مشاهدة مباريات كرة القدم، وكذلك بوضع سيل لا ينتهي من الكتب على المنضدة المحاذية لسريرها. استطاع الوالدان بهذه الطريقة أن يضعا أمامها نموذجاً فريداً للتفوق يدعى "التفوق المضاعف"، وهو المستوى المطلوب كي تصبح على مستوى واحد مع رفاقها البيض في الجنوب العنصري.
استمرت رايس في التدرب لتصبح عازفة بيانو (وهو الحلم الذي تخلت عنه أخيراً)، وتخرجت من المدرسة الثانوية في عمر السادسة عشرة. تخرجت كوندي من جامعة دنفر عندما كانت في عمر التاسعة عشرة واستجابت أخيراً لنداء مهنة حياتها الذي أطلقه عندها أستاذها في تلك الجامعة جوزيف كوربيل، والذي شجعها على التخصص في الشؤون السوفياتية. تسلمت كوندي شهادة الدكتوراه عندما كانت في السادسة والعشرين من عمرها، وأصبحت بعد ذلك أستاذة مساعدة لمادة العلوم السياسية في جامعة ستانفورد، الأمر الذي فتح الطريق أمامها لتصبح أصغر مديرة لجامعة ستانفورد سناً على الإطلاق. أصبحت كوندي في ما بعد أصغر مستشارة للأمن القومي سناً في تاريخ ذلك المجلس، بالإضافة إلى كونها أول امرأة سوداء تحتل منصب وزيرة الخارجية.
تعتبر قصة تسلق رايس سلم التفوق سيرة ملهمة للجميع بغض النظر عن الاعتبارات السياسية. ويعطينا كتاب "كوندي" أول صورة شاملة عن المسؤول الذي يستمع إليه الرئيس أكثر من أي شخص آخر في إدارته، وهي المرأة السوداء التي وصلت إلى ذروة بقيت حكراً على الرجال البيض لفترة طويلة، كما يقدم لنا الكتاب كذلك فهماً أعمق لدقائق عمل البيت الأبيض.