الإسلام في أوروبا المتغيرة ؛ تجربة ألبانيا في القرن العشرين - محمد م.الأرناؤوط
تحميل الكتاب
شارك Facebook Twitter Link

الإسلام في أوروبا المتغيرة ؛ تجربة ألبانيا في القرن العشرين

تأليف (تأليف)

نبذة عن الكتاب

بعد عدة قرون من العيش المشترك مع الشعوب الأخرى في الدولة العثمانية (الأتراك والعرب والأكراد وغيرهم) وجد الألبان أنفسهم فجأة في دولة غير مرغوبة من الجوار وغير مستقرة في أوروبا المتغيرة. فمع أن ألبانيا ظهرت على الورق في نهاية 1912 إلا أن حدودها بقيت غير محددة وسط تجاذبات القوى الكبرى ...آنذاك (بريطانيا وفرنسا وإيطاليا والنمسا/المجر وألمانيا وروسيا) التي كانت لها مصالح مختلفة في المنطقة. ولأجل ذلك تحولت ألبانيا مع اندلاع الحرب العالمية الأولى إلى ساحة للابتزاز الدبلوماسي والقتال العسكري حيث لم تستقر بالفعل ضمن الحدود المعروفة الآن إلا في 1920 بعد أن قبلت في عصبة الأمم. وكانت ألبانيا بحدودها التي أخذت تتبلور منذ صيف 1913 لا تمثل "الدولة القومية" التي كانت تريدها الحركة القومية الألبانية والتي لأجلها دخلت في صدام مع الدولة العثمانية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. فزعماء الحركة القومية الألبانية الذين كانوا يطالبون بكيان واحد للألبان يتمتع بحكم ذاتي ضمن الدولة العثمانية وجدوا أنفسهم فجأة مشتتين ضمن عدة دول لا ترغب بهم (صريبا والجبل الأسود واليونان) بينما لم تتسع "الدولة القومية" في حدودها المختزلة في 1913 بالكاد إلا لنصف الألبان. وضمن المخاض الصعب التي ولدت فيه الدولة الجديدة كانت ألبانيا أول دولة في العالم الإسلامي تقوم منذ لحظة تأسيسها على العلمانية التي كانت تمثل بطبيعة الحال قطيعة كاملة مع النظام العثماني الذي استمر عدة قرون.في نهاية 1912، وبعد حوالي 500 سنة من الحكم العثماني، ولدت ألبانيا بصعوبة بعد مخاض عسير ضمن التنافس الإقليمي للتوسع في البلقان والتنافس الأوروبي على النفوذ في المنطقة. ومع هذا المخاض ظهرت أولاً على الورق ثم على الأرض في صيف 1913 دولة جديدة تختلف عما يجاورها نتيجة لظروف التكوين التاريخي للألبان، وهو ما كان يجعلها تمثل خصوصية واضحة باعتبارها أول دولة أوروبية بغالبية مسلمة وهي لا تزال حتى كتابة هذه السطور الدولة الأوروبية الوحيدة بغالبية مسلمة. وهكذا بعد عدة قرون من العيش المشترك مع الشعوب الأخرى في الدولة العثمانية (الأتراك والعرب والأكراد وغيرهم) وجد الألبان أنفسهم فجأة في دولة غير مرغوبة من الجوار وغير مستقرة في أوروبا المتغيرة. فمع أن ألبانيا ظهرت على الورق في نهاية 1912 إلا أن حدودها بقيت غير محددة وسط تجاذبات القوى الكبرى آنذاك (بريطانيا وفرنسا وإيطاليا والنمسا/المجر وألمانيا وروسيا) التي كانت لها مصالح مختلفة في المنطقة. ولأجل ذلك تحولت ألبانيا مع اندلاع الحرب العالمية الأولى إلى ساحة للابتزاز الدبلوماسي والقتال العسكري حيث لم تستقر بالفعل ضمن الحدود المعروفة الآن إلا في 1920 بعد أن قبلت في عصبة الأمم. وكانت ألبانيا بحدودها التي أخذت تتبلور منذ صيف 1913 لا تمثل "الدولة القومية" التي كانت تريدها الحركة القومية الألبانية والتي لأجلها دخلت في صدام مع الدولة العثمانية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. فزعماء الحركة القومية الألبانية الذين كانوا يطالبون بكيان واحد للألبان يتمتع بحكم ذاتي ضمن الدولة العثمانية وجدوا أنفسهم فجأة مشتتين ضمن عدة دول لا ترغب بهم (صربيا والجبل الأسود واليونان) بينما لم تتسع "الدولة القومية" في حدودها المختزلة في 1913 بالكاد إلا لنصف الألبان. وضمن المخاض الصعب التي ولدت فيه الدولة الجديدة كانت ألبانيا أول دولة في العالم الإسلامي تقوم منذ لحظة تأسيسها على العلمانية التي كانت تمثل بطبيعة الحال قطيعة كاملة مع النظام العثماني الذي استمر عدة قرون. ولذلك فإن ألبانيا كانت تمثل تجربة سابقة لما قام به مصطفى كمال فيما بعد في تركيا الحديثة، وهي كما سنرى في هذا الكتاب تعكس الخصوصية الألبانية. ومن ناحية أخرى فقد كانت الثورة البلشفية في روسيا 1917 قد كشفت عن المعاهدات السرية التي عقدت خلال الحرب ومنها "معاهدة لندن السرية" (1915) التي قسمت بدورها ألبانيا بين أطماع الدول المجاورة. ومن هذا الباب بدأت تصل رياح البلشفية إلى ألبانيا، التي أًصبحت مؤثرة في منتصف العشرينات (1924) إلى الحد الذي بادرت فيه ألبانيا آنذاك إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع الاتحاد السوفيتي. وفي هذا الإطار لدينا أحد أوائل الكتب عن البلشفية في العالم الإسلامي، الذي ألفه الشيخ علي كورتشا في مطلع العشرينات، وهو ما يعبر عن انشغال علماء المسلمين بهذا التحدي الجديد الذي يتناوله الفصل الرابع في هذا الكتاب. ومع البلشفية كانت قد أخذت تنتشر في أوروبا إديولوجية أخرى ألا وهي الفاشية، التي قدر لألبانيا أن تكون إحدى ضحاياها أيضاً. ومع أن ألبانيا كانت منذ البداية أحد الأهداف التوسعية لإيطاليا بعد اكتمال وحدتها في 1870 إلا أن روما سارعت إلى تحقيق هذا الهدف بعد وصول الحزب الفاشي إلى السلطة في 1921 وذلك باختراق الاقتصاد والمجتمع في ألبانيا. وفي هذا الإطار سعت إلى استقطاب رجال الدين المسلمين والمسيحيين إلى صفها لكي تسهل عليها الاحتلال العسكري لألبانيا في نيسان 1939. وهكذا لدينا في الفصل الخامس من الكتاب محاولة لفشتسة الإسلام في ألبانيا تتمثل في كتاب غير مسبوق يروج للفاشية باعتبارها اديولوجية منسجمة مع الإسلام. ولم تكد ألبانيا تتخلص من الحكم الفاشي حتى دخلت في تجربة أخرى، ألا وهي حكم الحزب الشيوعي الألباني الذي بدأت في نهاية 1944 واستمرت حتى آذار 1992. ومع أن المسلمين في الاتحاد السوفيتي قد سبقوا الآخرين في العالم الإسلامي في تجربة العيش تحت حكم الحزب الشيوعي إلا أن تجربة المسلمين في ألبانيا لها ما يميزها، إذ أن ألبانيا بعد الخلاف الأديولوجي مع الاتحاد السوفيتي في 1960 انحازت إلى الصين الماوية وتطرفت في موقفها من الدين حتى أنها "ألغت" الدين بمرسوم في 1967 وأصبحت أول دولة ملحدة في العالم، وهو ما يتطرق إليه الفصل قبل الأخير من الكتاب. ولكن تخلص الألبان من الحكم الشيوعي لم يكن نهاية المطاف بالنسبة إلى المسلمين، إذ أن الديمقراطية الجديدة التي عرفوها لأول مرة حملت في طياتها تحديات جديدة لم تكن على البال، وهي ما يتعرض له الفصل الأخير من الكتاب الذي يتوقف عند 1999. ويمكن القول أخيراً أن هذه الفصول كتبت لترصد معايشة الألبان للتطورات الفكرية السياسية خلال مئة عام 1899-1999، أي منذ ظهور كتاب شمس الدين سامي فراشري الذي قدم صورة مثالية عن ألبانيا حسب الرؤية القومية الألبانية وحتى حرب كوسوفو 1999 التي حملت معها منعطفاً تاريخياً للألبان في أوروبا. وهكذا فقد انتقل الألبان خلال هذه المئة سنة من الدولة العثمانية إلى الدولة القومية الألبانية، حيث كانت لهم تجارب مختلفة مع العلمانية والفاشية والبلشفية وأخيراً الديموقراطية الغربية التي لا تزال ألبانيا معها في مخاض جديد لم يكتمل بعد, ومن نافلة القول أن هذه التجربة تعكس خصوصية شديد’، أي أنه قد يمكن الاستفادة منها دون أن يعمي هذا أي وهم باستنساخها.
عن الطبعة

تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد

تحميل الكتاب
كن اول من يقيم هذا الكتاب
18 مشاركة
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم

  • مراجعات كتاب الإسلام في أوروبا المتغيرة ؛ تجربة ألبانيا في القرن العشرين