الفكر السياسي الإسلامي والإصلاح التجربتان العثمانية والإيرانية
تأليف
مهند مبيضين
(تأليف)
أنجزت قراءة الكواكبي، وأنجز مشروع الوعي والنهوض العربيين انطلاقاً من مقولة التأثير والتأثر والمحاكاة للغرب التاريخي المتقدم، في زمن قيل إنه كان مظلماً عربياً، وهذا التأثير صنعته المطبعة الأوروبية والإرساليات التبشيرية وأدب السفارات في لحظة الافتتان التي عاشها كل من الطهطاوي وخير الدين التونسي وابن أبي الضياف وغيرهم، أو عبر ...الترجمة والدور الكبير الذي أحيطت به المسيحية العربية عبر دورها في نمو الفكرة القومية.كل ذلك مقبول، لكنه ليس البداية حتماً، والعرب لم يأنسوا الطاعة، ولا قبلوا بها خيار عيش في الزمن العثماني الممتد مت 1516-1918م وهذا ما تكشفه قراءة التاريخ العربي الحديث من مصادره المتنوعة.استقر البحث العربي في مسألة الاستبداد على أن عبد الرحمن الكواكبي يعد مهندساً معمارياً لنبذ الاستبداد، ومقاومة السلطة أو إرشادها و"التعقيل" عليها في ممارسة الحكم. ويبدو أن الباحث العربي ألف المقدمات واعتاد البناء على ما تم درسه دون العودة مرة أخرى ومعاينة مصادر جديدة يمكن لها أن تميط اللثام عن حقائق جديدة في مجال البحث عن العلاقة بين السلطة السياسية والسلطة الثقافية وما بينهما نبذ الاستبداد.أوجدت معادلة الحكم العربي لحظات اصطدمت فيها الثقافة مع السياسة، وهذه اللحظات بالرغم من تباعدها زمنياً إلا أنها تؤكد حقيقة وجود العلماء كتلة موازية لكتلة أخرى، هي السلطة، وكان مرد ذلك إحساس جهاز العلماء والمثقفين بمكانتهم ودورهم المجتمعي، لا كما هو الحال عليه اليوم.