التراس ملحمة الفارس الذي اختفى...
تأليف
كمال قرور
(تأليف)
"أكتب في اليوم الثالث والعشرين من تشرين الأول 2006 وهو نفسه اليوم الذي خرجت فيه من بغداد قبل سبع سنوات، لم أحتفظ بشيء مما كنت أملكه غير اسمي، عمّار جواس البدري، وما يزال عندي في بغداد قطعة أرض جدّ صغيرة في مقبرة الكرخ وشاهدة من مرمر مصقول محفور عليها: ...هنا يرقد عمار جواس البدري. عاش ومات، لماذا؟ لا ندري. وتركت مكاناً فارغاً في أسفل الشاهدة لذكر السنة التي سأموت فيها، ولئلا يلتبس الأمر على من تبقّى من أخيّاتي وأصدقائي وأقاربي، سأقول إن مكان قبري لصيق بقبر أمي (عزيمة خطاب العابد) على بعد مائة وسبعين متراً صوب شرق المقبرة، على مقربة من القبر الشهير الذي ينام فيه خمسة أطفال أشقاء قتلوا جميعاً في لحظة واحدة أيام حربنا المسماة أم المعارك، وهي الحرب التي نشبت بعد القادسية وقبل المواسم... نسيت أن أخبركم بأنني كاتب قصة قصيرة وروائي وناقد وشاعر وأكتب مسرحيات من فصل واحد وكانت عندي رغبة عارمة في التمثيل، وقد أخذني (صلاح أبو سيف) إلى القاهرة وكتب لي عقداً لمدة خمسة أعوام أبدؤها بفيلم (حمام الملاطيلي) لكنني فسخت العقد...".الكتاب وكما يرى مؤلفه بأنه أقرب إلى روح السيرة منه إلى جسد الرواية، لكنه يقترب منها على استحياء، فهو مزيج من مذكرات مكتوبة وذكريات ما تزال وراء قحف الجمجمة، إلى جانب الذاكرة التي ساعدته على تأليفه. مع أنه يقول: إن الكتاب إنما هو فكرة خطفت مثل نيزك ذات ليل، أن يجمع بعض النصوص ويربطها بما جرى في حياته، زائداً ما يملكه من معلومات عن أدباء العراق وما حلّ بهم من هجرة وموت وشتات وأسرار. فالكتاب، وإلى هنا، حزمة حقائق عن زمن من العراق الأسود ما كان من أحد يصدّق يوماً بأنه سينطمر ويمضي إلى الجحيم بعد تحرر العراقيين منه. وشيء واحد، كما يقول المؤلف، فعله مرغماً، وهو اسمه الذي تغيّر وصار عمار جواس البدري، لعدم إزعاج قرائه بتكرار اسمه.
ويجدر الإشارة الى أن هذا الكتال قد حاز على جائزة مالك حداد - جزائر لعام 2007.تشغل الرواية عناصر شتى من التراث السردي (اللغة -قال الراوي- الأسطرة...) لترسم أخيولة البطل الشعبي التراس وست الحسن والثورة على العماليق الغزاة والسلطة الفاسدة في شخصيات الجنرال والمحافظ والإمام...
بلغة ممتازة تتنضد الرواية في تسعة عشر مقطعاً، لتأتي في عمارة بهية، مرسلة إشاراتها بالمحبة والحرية والتطور ووحدة والأديان، فتشغل أساطير يونانية ومسيحية و... وتشغل قصيدة النثر ووحدة الكائنات (صداقة اللقلق مع التراس) مثلاً.