طفيليات العقل
تأليف
كولن ولسون
(تأليف)
يستشهد مطلع الكتاب بالفيلسوف وعالم الرياضيات برتراند راسل الذي أراد قبل أن يموت أن يجد طريقة للتعبير عن: "...نسغ الحياة العنيف القادم من مسافات بعيدة والذي يمنح الحياة البشرية القوة الهائلة والمخيفة التي تتمتع بها الكائنات غير البشرية".
من فكرة أنه لا بد للعلوم الرياضية المتقدمة أن تلتقي بالفلسفة وبعلم ...النفس وحتى بعالم الماورئيات، تنبثق هذه الرواية التي تنضم إلى مجموعة الخيال العلمي المستقبلي، والتي تجمع بين عناصر الإثارة والتشويق والفضول لمعرفة التصور الممكن للعالم المقبل في حلته الجديدة، ولمجتمع سيمتلك قدرات تقنية علمية متقدمة وهائلة، ولإنسان متطور يستطيع بتنمية قدراته العقلية والذهنية، من الوصول إلى تصرفات خارقة، مثل تحريك المادة كالصخور الثقيلة مثلاً دون أية وسيلة، وذلك عن طريق الإيحاء والتأثير الذهني فقط، وهذه من الظواهر التي يعكف علم النفس الباراسيكولوجيا على دراستها حالياً.
يعتمد بناء الرواية على إطار خارجي من الصيغة الوثائقية التي تبدو حقيقية، لمضمون يتركز على فكرة الإيحاء بوجود طفيليات داخل العقل البشري تقوم بالتلاعب به وتسييره، بل إنها تحاول تدميره بطرقها المختلفة، كأن تتسبب في تدمير قوى الفرد العقلية ودفعه إلى الجنون أو الانتحار، أو أن تسيطر على عقول السياسيين والعسكريين وتدفعهم إلى شن الحروب الضروس بعضهم ضد بعض. لذا كان لا بد من مواجهتها ومقاتلتها والتغلب عليها. لكن هذه ليست النهاية، بل أن الكاتب سيبنيها بشكل يسمح له بإعادة طرح كل الأسئلة الصعبة من جديد.
رواية مثيرة للإهتمام، وتستحوذ على العقل والحواس والخيال، فتّذكر أن تكوين الإنسان في النهاية، ليس سوى حصيلة تكامل كل هذه العناصر."..أما بناء الرواية فيتخذ إطار الرواية الوثائقية التي تستند إلى مجموعة من المستنسخات والمخطوطات والمذكرات والتسجيلات الصوتية، إلا أن هذه في الواقع لا تعدو مجرد خدعة فنية، فالرواية تمتلك رغم هذا المظهر بناء سردياً تضامنياً، إلا أن كل هذه العناصر الوثائقية تدخل ضمن نسيج العالم الروائي.
وعلى الرغم من أن الرواية تبدأ باهتمامات ذات طابع آثاري (أركيولوجي) إلا أنها سرعان ما تنتقل إلى اهتمامات ذات طابع سيكولوجي بحت يتركز في الإيحاء بوجود ما يسميه المؤلف "طفيليات العقل" داخل العقل البشري التي تقوم بتدمير قوى الإنسان العقلية ودفعه إلى الجنون والانتحار. لذا يخوض أبطال الرواية حرباً طويلة ومعقدة ضد هذه الجيوش اللامرئية من طفيليات العقل التي تتخذ أساليب واستراتيجيات مختلفة منها امتلاك عقول بعض القادة السياسيين والعسكريين ودفعهم إلى شن حروب خطيرة. وفعلاً تحدث هذه الحرب بين قوتين عسكريتين يكون دافعها فعالية "طفيليات العقل". ثم تحسم بالقضاء على هذه الطفيليات. ورغم أن الرواية تنتهي إلى النجاح النسبي الذي يحققه الأبطال (وهم نخبة النخبة من العقول البشرية فقط) تتخذ الرواية مساراً جديداً ينتهي بفقدان السفينة الفضائية التي تقل جميع أبطال الرواية الرئيسيين تاريكين وراءهم أسئلة صعبة ومعقدة".