النص وإشكالية المعنى
تأليف
عبد الله محمد العضيبي
(تأليف)
يتضمن هذا الكتاب مجموعة من المقالات يشكّل معنى النص الشعري محورا لها، وإذا كان بعضها قد اهتم بقضايا القراءة، فإن مقالات أخرى اتخذت من مقاربة النصوص مادتها. فقد اختار الكاتب البحث في موضوع العلاقة التي تربط بين الشاعر والقارئ، والتي تحددها عملية فهم النص الشاعري. فهل يصل المعنى المقصود ...نفسه الذي أراده الشاعر والذي شكّل خلفية نصه، إلى القارئ؟ أم أن تأويل المعنى بطريقة مغايرة يصبح جائزاً على الدوام بمجرد ظهور النص الشعري؟ وما هي طبيعة النصوص التي تحتمل أكثر من معنى، أو التي تتضمن غموضا يسمح بتعدد تأويل معناها؟ وهل ثمة أهمية فعلية لهذا التساؤل؟ وما هي حقيقة تحقيق التفاعل بين طرفي عملية القراءة؟
للإجابة على هذه التساؤلات، اختار الباحث الأدبي، دراسة بعض النصوص الشعرية لعدد من الشعراء، وضعها في خمسة فصول. يتضمن الفصل الأول دراسة موضوع النص وإشكالية المعنى بين الشاعر والقارئ، ويبحث في نوعية النص وفي قدرة الشاعر على إيصال معناه الشعري، كما يبحث في العوامل التي تؤثر في عملية التأويل التي يقوم بها القارئ والتي تخضع لطبيعة القارئ نفسه، وبالتالي فإن النص الشعري الواحد يصبح قابلاً لتعدد القراءات التي قد يمنح كل منها النص معنى مختلفاً عن ذلك الذي منحته إياه قراءة أخرى، فتصبح أمامنا معان عدة لنص واحد، وقد اختار لمقاربة هذه الإشكالية، مجموعة من النماذج الشعرية للشاعر غازي القصيبي.
في الفصل الثاني، يتخذ من القصيدة الجاهلية التي كانت تتسم في عدد غير قليل من نصوصها بتعدد الموضوعات، مثلاً آخراً على تعدد قراءات النص الشعري، ويقرأ على ضوء ذلك قصيدة "نونية المثقب العبدي".
قراءة أخرى يجدها القارئ في الفصل الثالث "الرحيل عن دائرة البعد"، وتختص بقصيدة للبحتري يبدأها بهذا البيت: "سلام عليكم لا وفاء ولا عهد أما لكم من هجر أحبابكم بد"، وقد اختارها الباحث بالذات، للبحث في معاني المقطع السردي الذي تتضمنه عن صراع الشاعر وتعامله مع حيوان الذئب.
في الفصل الرابع "نحو المعنى"، قراءة أخرى في قصيدة "الجبل" لابن خفاجة الأندلسي، تحاول أن تقدم فهماً جديداً للنص، من خلال الربط بين مطلعه وخاتمته. أما "الرؤيا والتفسير" في الفصل الخامس، فتقرأ في قصيدة لغازي القصيبي، ومطلعها: "رأيت أني نخلة تنبت من أكتافها التمور تأكل من تمورها الطيور فانتابني الحبور".
جمالية ومتعة يحصل عليهما القارئ في هذا البحث الأدبي المشوق عن المعاني المختبئة خلف أبيات النصوص الشعرية التي تمسّ المشاعر والحس والتي تسمو فوق المعاش السطحي واليومي.