هذه الأميركا ؛ أبحاث في الجذور العربية والإسلامية للمجتمع الاميركي
تأليف
جوناثان كورييل
(تأليف)
كردة فعل على أحداث الحادي عشر من أيلول سنة 2001، ارتفعت نسبة الكارهين للعرب وللمسلمين في أميركا، وظهرت دعوات من مواطنين أميركيين تطالب بتدابير إستثنائية رافضة للثقافة العربية وللحضارة الإسلامية ولطريقة عيش كل من ينتمي إليهما، "كان من الصعب على بعض الناس أن ينظروا إلى العرب والمسلمين بغير عين ...الإرهاب والأصولية". لذا قام الأستاذ الجامعي مؤلف هذا الكتاب، وهو الصحافي المختص بالأبحاث والتقارير التي لها "علاقة بالمسائل العربية والإسلامية في الولايات المتحدة وعبر العالم"، بهذه الدراسة التي تكشف "نمطاً خفياً ومستمراً من الأخذ والعطاء بين أميركا وبين العالمين العربي والإسلامي"، والتي تبحث في عمق تمازج حضاراتهما وثقافاتهما، دون الوقوع في مطب المبالغة في التمجيد أو في الترويج، بل تعود ببراهينها إلى آثار لا تزال موجودة، وتبرز تأثيرات ثقافية لا تزال حاضرة.
"لثقافة العرب والمسلمين كمية التناقضات نفسها التي هي للثقافات الأخرى، بما فيها ثقافة الولايات المتحدة -وهي دولة مع أنها مبنية على مُثل ديمقراطية، فقد استعبدت السود، ورحّلت سكانها الأصليين". كذلك فإن ثقافة العرب والمسلمين التي "هي مجموعة من الثقافات تتعدّى مفهوم الديانة، ومفهوم الإسلام، إذ ينتمي الكثير من العرب إلى الديانة المسيحية وإلى ديانات أخرى، وإن عدداً لا يستهان به من المسلمين هو من الذين لا يمارسون إيمانهم"، هي أيضاً لها خصوصياتها "المتعلقة بالشعر والهندسة والتاريخ الذي يتجاوز نفسه".
هذا الكتاب "هو تاريخ يؤكد على الأسلوب المستمر من الأخذ والعطاء بين أميركا والعالم العربي المسلم.."، عبر براهين تأثيرات الحضارة الهندسية العمرانية الإسلامية والعربية في بناء أشهر المعالم الأميركية الذي لا زالت تشهد على ذلك، كقصر الحمراء في إنديانا، وألامو في تكساس، وقلعة تشارلستون في كارولينا الجنوبية، وعبر تأثير الموسيقى العربية على بعض أكثر أنواع موسيقى أميركا تميّزاً، وعبر ما خلّفه بعض الكتّاب والمفكرين العرب كجبران خليل جبران وغيره، من معرفة لدى بعض الرموز الأميركية التاريخية البارزة.
ما لا يعرفه الأميركيون، هو أن "الولايات المتحدة ليست مؤلفة من جذور مسيحية، ويهودية فحسب، بل ومن جذور إسلامية أيضاً. وعلى مرّ القرون، لقد تمّ فصل هذه الجذور إلى أبعد حدّ عن مصادرها الأصلية..".
"إن على الناس الذين تباعدهم الحدود واللغة والفوارق الظاهرية أن يفهموا في نهاية المطاف أن هنالك وشائج توحّدهم هي أبعد بكثير مما قد يرِد إلى أذهانهم."في مقابل قول نشرته إحدى المدونات "بلوغرز" على الموقع الإلكتروني المدعو "فري ريبابلك" (الجمهورية الحرة)، واستناداً إلى استطلاع للرأي، أجرته "غالوب"، من أن "أربعة من أصل كل عشرة أميركيين، يكرهون المسلمين"، يتصدى الصحافي جوناثان كورييل بأسلوب طريف وحيوي كاشفاً المكامن وراء هذه العواطف المتحيزة، محاولاً إثبات فضل الثقافتين والحضارتين العربية والإسلامية على الثقافة الأميركية وذلك من خلال جولة في الأثر شبه المجهول للدور العربي والإسلامي العريق والحاضر عليها.
فمن الثقافة الرفعية المستوى إلى ثقافة الـ:بوب، ومن الخفيف الوقع، إلى العميق الأثر، يكشف كتاب "هذه الأميركا" عن التأثيرات الإسلامية والعربية البارزة أمام أعيننا، وتحت أنوفنا، وداخل أسماعنا. هنا يظهر كورييل بوضوح أن معظم أشهر المعالم الأميركية -بما في ذلك الـ "آلامو في كارولينا في سان أنتونيو"، والـ: فرنش كوورتر في نيو أورليانز، والـ: سيتاديل في شارلستون في شاوث كارولينا - إنما هي تحفيظ بآثار الثقافة العمرانية العربية والإسلامية. وبطريقة مماثلة، فإن بعض أكثر موسيقى أميركا المميزة- كموسيقى الـ دلتا بلوز، وموسيقى الـ سيرف العائدة إلى ديك دايل، وموسيقى الـ روك، والـ سايكيديليا العائلدة إلى جيم هاريسون، وفرقة الـ دورز- إنما هي مدينة للموسيقى العربية. كما أن بعض الرموز الأميركية التاريخية البارزة، ابتداءً من رالف والدو إيمرسون، إلى ألفيس بريسلي، قد اعتمدوا على الثقافة العربية أو الإسلامية لصقل ثقافتهم ومعرفتهم المستدامة.
بعضه أدب رحلات، وبعضه تاريخ ثقافي. "هذه الأميركا" كتاب هام يكشف نمطاً خفياً ومستمراً من الأخذ والعطاء بين أميركا وبين العالمين العربي والإسلامي.