تحديات الأمن الغذائي العربي
تأليف
الصادق عوض بشير
(تأليف)
تسعى هذه الدراسة لمخاطبة شريحتين هامتين من المهتمين بأمر الأمن الغذائي العربي هما، صناع القرار السياسي والزراعي في الوطن العربي، وشركات القطاعين العام والخاص المتمثلة في المنتجين والمستثمرين في هذا المجال.
كما تسعى لتسليط الضوء على مشكلة الأمن الغذائي العربي وتشخيصها من خلال الإحصائيات المتوفرة عن إنتاج السلع الغذائية بشقيها ...النباتي والحيواني في الوطن العربي، وفي كل بلد عربي على حدة من خلال ارتباطها بالعوامل الخارجية المؤثرة عليها سلباً أو إيجاباً، وخاصة الارتفاع الحاد الحالي في أسعار السلع والمواد الغذائية على نطاق العالم.
والمنهج المتبع في الدراسة يتلخص في الآتي: 1-تجميع المعلومات والإحصائيات المتوفرة عن مشكلة الأمن الغذائي بكل أبعادها ومكوناتها في الثماني سنوات الماضية (1998-2005). مع الأخذ في الاعتبار المستجدات والتداعيات التي أفرزتها أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والتي نشبت خلال السنوات الثلاث الأخيرة على النطاقين العربي والدولي، وخاصة مع بداية العام 2008.
2-محاولة قراءة وتحليل مشهد الأمن الغذائي العربي، في ارتباطه العام بالمؤثرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية (سلباً وإيجاباً)، على المستويين العربي والدولي، آخذين في الاعتبار خصوصيات كل دولة عربية إذا لزم الأمر بهدف التوصل إلى رؤى محددة.
3-محاولة توظيف الرؤى والمعطيات التي تتوصل إليها الدراسة، في الوصول إلى أسس تأخذ في الاعتبار، ليس فقط حجم وأبعاد المشكلة ودور كل مكون في إنتاج وصيانة الحل الذي يحقق الأمن الغذائي العربي المنشود، بل أيضاً استراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة للعقدين القادمين (2005-2025)، والتي اقترحتها المنظمة العربية للتنمية الزراعية التابعة لجامعة الدول العربية.
وبشكل عام تعتمد الدراسة على خمسة محاور رئيسية كالآتي: المحور الأول: يستعرض السياق التاريخي لأزمة الغذاء ويتناول المشكل في بعديه الدولي والعربي مع البحث في الأسباب الكامنة وراء أزمة الغذاء والوقوف على السيناريوهات الممكنة للخروج منها.
المحور الثاني: يتناول مشكلة الأمن الغذائي العربي، من خلال أربعة أبعاد هي: أولاً: حجم المشكلة وشتريح أبعادها وتحديد مؤشراتها، ثانياً: كمية المتاح من الغذاء، ثالثاً: الغذاء المتاح للاستهلاك في الوطن العربي، رابعاً: حجم الفجوة الغذائية.
المحور الثالث: يركز على تحليل وتقييم المشكلة من خلال منظورين، هما: أولاً: العناصر والعوامل المساعدة في زيادة إنتاج الغذاء، ثانياً: الاكتفاء الذاتي من الغذاء وكيف يمكن تحقيقه؟
المحور الرابع: يتناول العلاج المقترح لحل المشكلة من خلال ثلاثة مداخل، الأول: تسليط الضوء على الحلول والمحاولات المطرحة سابقاً، والثاني: يتحدث عن استراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة للعقدين (2005-2025)، والثالث: يتناول دور السوق العربية المشتركة والسوق الخليجية المشتركة في حل المشكلة، ويستعرض المدخل الرابع: تقويم بعض النماذج في بعض الدول العربية وخبرات الدول الأخرى في تحقيق الأمن الغذائي.
أما المحور الخامس والأخير: فيركز على رؤية واقعية لشراكة إنتاجية ضمن استراتيجية براجماتية، لحل المشكلة التي تستند على هيكل بنيوية الشراكة القائمة على أربعة أعمدة رئيسية. وتلفت الدراسة النظر إلى أنموذج مقترح لسيناريو عن الشراكة (افتراضية منتجة بين مستثمر محلي، ومستثمر أجنبي، (عربي أو غير عربي) وفق أسس متفق عليها.تعطي الأنظمة العربية مسألة توفير السلع الغذائية لمواطنيها اهتماماً كبيراً عن طريق ما تعده من برامج وسياسات (رغم قصورها) وما توفره من ميزانيات (رغم شحها) وكوادر إنتاجية مدربة (رغم قلتها) ووصولاً لهذا الهدف لا بد من المانات الكافية لتوفر هذه الإمدادات الغذائية المذكورة سابقاً بصورة مستدامة ومستقرة، دون حدوث خلل أو تقلبات في إنتاجها وأسعارها أو تعرضها لتدهور في نوعيتها ومكوناتها الغذائية والصحية.
هذا المفهوم للأمن الغذائي المرتبط بتحقيق الاكتفاء الذاتي، سيفرض علينا التركيز على الاستغلاء الأمثل للموارد الطبيعية المتاحة لإنتاج الغذاء من جهة، والمحاصيل النقدية من جهة أخرى، بهدف الاستفادة من عائدها في دعم الإنتاج الغذائي والبنيات التحتية المطلوبة لاستدامته.
ولكن رغم ذلك الجهد فإن العالم العربي يعاني في مجمله من مشكلة حادة ومستفحلة في أمنه الغذائي، حيث يستورد من السلع الغذائية الرئيسية أكثر من ما ينتج، أو يستورد ما يساوي إنتاجه في أحسن الأحوال.