تركيا ؛ بين تحديات الداخل ورهانات الخارج
تأليف
مجموعة مؤلفين
(تأليف)
تولى حزب العدالة والتنمية الحكم في تركيا منذ العام 2002، وحدثت منذ ذلك الوقت تطورات داخلية كثيرة طالت جميع المجالات في السياسة والاقتصاد والثقافة, انعكست تطلعاتها ومعطياتها تفاعلاً متبادلاً بين تركيا وبين محيطها الخارجي، فأثرت على طبيعة علاقاتها الخارجية مع البلدان المجاورة.
يغطي هذا الكتاب، بالمجهود الجديّ لنخبة من الباحثين ...الأتراك والعرب، نقصاّ في دراسة شاملة لوضع تركيا في هذه الحقبة بالذات، إذ يقدّم ملفاً يطمح في أن "يكون إحدى المحاولات الجادة عربياً في قراءة "الحالة التركية" من منظور متكامل وبشكل منهجي من خلال دراسات وبحوث محكّمة"، تمّ توزيعها على بابين، خُصص الباب الأول للمتغيرات الداخلية والتحديات التي تواجه الدولة التركية في التنمية وإرساء العدالة، واهتم الباب الثاني بقضايا علاقاتها مع البلدان المحيطة بها خارجياً ومع تعقيدات المحيط الخارجي وملفاته الشائكة.
اثني عشر باحثاً تنافسوا على الجدية في التحليل والاستنتاج وعلى القدرة في تفحّص الأوضاع وتلمّس قضايا المجتمع التركي وتشريح بنيته بمختلف جوانبها وأطرافها السياسية ومؤثّراتها وتأثيراتها الخارجية، وعلى شرح التأثير الإيجابي لحزب العدالة والتنمية على مجمل هذه القضايا. بدأ علي حسين باكير "بإطلالة عامة على تركيا"، ويشرح المقومات الاستراتيجية والسياسية لموقعها الجغرافي ولدورها الإقليمي. وبيّن إبراهيم أوزتورك النجاح الذي حققته تركيا اقتصادياً في هذه المرحلة، فيما "يشبه المعجزة الاقتصادية". وتناول طارق عبد العزيز موضوع المؤسسة العسكرية والجيش "تلك المعضلة الكبرى التي أعاقت التطور الديمقراطي في تركيا عبر عقود من الزمن"، وتأثيرها على الحياة السياسية. قام محمد ثلجي بالبحث عن "مولدات" أزمة الهوية ونشأتها وتطورها، وعن كيفية تعامل حزب العدالة معها ومدى نجاحه في الإحاطة بها. وأفاض كمال السعيد حبيب بالحديث عن محور الإسلام، مؤرخاً "الظاهرة الإسلامية في تركيا وتتبع مراحل بروزها وتطورها"، ومضيفاً "خلاصات مستقاة من هذا التاريخ". ختم أديب عساف بكر أوغلو، بحوث القسم الأول، فأوغل في التنقيب عن طبيعة العلاقة بين الإسلام والعلمانية وعن "أشكالها الثابت منها والمتغير".
استهل محمد نور الدين القسم الثاني من الملف، متناولاً أسس ومرتكزات السياسة الخارجية التركية، ليجيب عن أسئلة عديدة في هذا المجال. القسم المتعلق بدور تركيا الإقليمي، وبعلاقتها مع الولايات المتحدة الأميركية بالذات ومع إداراتها التي "تعتبر أنقره "حجر الزاوية في سياستها إزاء الشرق الأوسط"، نال نصيبه من الدراسة مع خليل العاني الباحث في العلاقات الدولية. اتخذ إبراهيم بيوني جانب علاقة تركيا بأوروبا و"الحلم التركي بالانضمام إلى اتحادها"، للبحث في "جدلية الاستيعاب والاستبعاد في العلاقات التركية الأوروبية". ما تمثله آسيا الوسطى والقوقاز والمنطقة العربية وجوارها، لتركيا من "عمق استراتيجي لا يمكن تجاهله"، ومن "تأمين لجسور الطاقة"، طرحه بالتحليل والاستنتاج محرم أكشي. واختبر مصطفى اللباد "متانة العلاقات التركية العربية في ظل الأوضاع الحالية للنظم العربية"، في دراسة لأهمية العلاقات التركية العربية.
وختم حقي أوغور هذا الملف الشامل القيّم والمدروس بعناية، بمحور العلاقات بين تركيا وإيران المبنية على "قاعدة الابتعاد عن حافة الصدام، وتعظيم القواسم المشتركة ومحاولة البحث الهادئ في سبل حلّ القضايا والخلافات العالقة بينهما..".