استعادة روسيا مكانة القطب الدولي ؛ أزمة الفترة الانتقالية
تأليف
عاطف معتمد عبد الحميد
(تأليف)
إذا ما تتبعنا جلياً المسار الحركي لتاريخ أعظم الإمبراطوريات قدماً في تاريخ البشرية، نجد أن صعود وهبوط الدول العظمى سنة من سنن الكون، وانهيار الإمبراطوريات علامة من علامات حيوية التاريخ، يقول العلامة ابن خلدون في نظريته عن العمران البشري "الدول من حيث كمالها يبدأ زوالها".
فهل يعني هذا أن التاريخ ...يكرر نفسه، وهل التنافس على مناطق النفوذ والسيطرة ضرورة حتمية للدول الكبرى لاستعادة هيبتها وقوتها على الساحة الدولية.
يتساءل الباحث د. عاطف معتمد عبد الحميد، أستاذ الجغرافيا في كلية الآداب في ثنايا بحثه هل ما تزال روسيا دولة عظمى تتمتع بالتوسع الجغرافي والتمدد الجيوسياسي، وهل لا تزال قادرة على التقدم إلى مناطق أكثر عمقاً لتضم داخل أسوارها الحديدية مئات الملل، ومئات أخرى من الألسن واللغات. مؤكداً لنا بأنه لا توجد مشكلة جيوسياسية في العالم إلا ولروسيا كلمة فيها مثال: تقابلنا روسيا حين نراجع الأزمة النووية الإيرانية أو الكورية، وفي سوق السلاح وفي أزمات البحر الكاريبي، وفي تصدير النفط والغاز، وفي الصراع العربي الإسرائيلي... إلخ. مجموعة من الأسئلة يطرحها الباحث في عالم متعدد الأقطاب تتكاتف فيه الدول الكبرى مثل اليابان وألمانيا والصين والهند وألمانيا وفرنسا أمام المارد الأميركي، فيجد الكاتب بأن لا قوة جديدة تناور على المستوى الجيوسياسي غير "روسيا" ولكن في أي طريق تناور وما هي أدواتها وأي مستقبل لها.
تجد الإجابة عليها في هذا البحث الذي قسمه الكاتب إلى ثلاثة فصول، يحمل الأول عنوان "زمن تجميع الحجارة" ويتناول الأساس الجغرافي السياسي للدولة الروسية متناولاً دراسة "روسيا من الداخل" لأن هذا الداخل برأيه أحد المفاتيح الأساسية لفهم سلوكيات روسيا الخارجية.
أما الثاني فيحمل عنوان "العودة لساحة المعارك" ويبحث في مكانة الجيش الروسي ومحاولات إصلاحه ومناوراته في اتجاهات مختلفة. فضلاً عن مكانة روسيا في سوق السلاح، وأهمية أنابيب الغاز كوسيلة للتحكم في أمن الطاقة في مناطق نفوذها السابقة. ويأتي المحور الثالث فيعالج عملية التنافس الروسي – الأميركي في محاولة كلٍّ منهما إضعاف الطرف الآخر وتداعياته على العالم العربي.
تأتي أهمية الدراسة التي بين أيدينا من كونها دراسة تاريخية – نقدية – مدعمة بالحجج والبراهين لتضفي معنى وحكمة لأي متتبع لمسار صعود وهبوط الدول الكبرى وبأن لكل دولة مهما عظمت أو صغرت "أوراق قوة" لا بد لها من الاحتفاظ بها، واستخدامها حين يلزم الأمر.
فهل ما تزال روسيا هي نفسها المنتصرة على النازية. حيث كانت عبارة "الروس قادمون" تلك العبارة الشهيرة التي طالما رددها شعوب شرق أوروبا والقوقاز وآسيا الوسطى والصغرى وهي تفر فزعاً من آلة الحرب الروسية التي لا ترحم.