الليلة... سأعترف (كتابات)
تأليف
ريما كركي
(تأليف)
في الليل تأتيك الحقيقة... في الليل تظهر الصور الأصلية... الأماني الممنوعة... تكون الإجابات واضحة... فلا تشويش ولا ضجيج... بل سكون حاسم... تخرقه أنت، أنت وحدك بصرخات صامتة وصادقة... لا تنتظر رداً ولا تعليقاً ولا دعماً ولا نقضاً من أحد... تملأه بصدى قلبك وعقلك ودمك... بوزنه الصافي دونما زوائد: الظرف ...والمكان والزمان، من دون تأثر المترتبات والتبعات. الليل صارخ فاضح واضح... لا تلتهي عن نوره بأشياء أخرى... فيه تدرك تعريف الحب والطموح والخوف والبداية والنهاية... تعريف نهائي كامل لا يحتمل النسبية ولا الجدل، تغرق في أعماق تلك الكلمات كلها... تصغي إليها برهة... تفقد السيطرة عليه... على نفسك أمامها... تنهار كل أسلحتك المقاومة لها... أسلحة تصدأ، تتعطل تخونك، تفاجئك برخاوتها وهشاشتها، تصبح بدون فائدة... تكتشف أنها هي العبء الأساس... فالضوابط التي نقنع أنفسنا بها والتي تحمينا من السعادة والرغبة والفرح، لا تصمد أمام صدق الليل... أمام عذوبه... حنانه... وشطارته بإستدراجنا إلى أنفسنا... إلى ذاتنا... راجعة لعندك بالليل، لتقول لك ما ينبع منها بدون تفكير... بل لتكشف لك تفكيرها على حقيقته... فالليل هو القسم الذي لا يخرق... هو الوعد الأخرس بإستمرار الخطايا التي تبقينا أحياء... هو موسيقى روحنا التي نتمايل عليها كالمجانين مطلقين لقلوبنا حريتها... إعترافات تأخذ القارئ على جناح كلمات، محلقاً في عالم مترع المعاني ثرّ العبارات، تجعله يغوص حيناً في أغوار فلسفية وأحياناً ليعيش مشاهد حياتيه إستطاعت الكاتبة تصويرها وتحريكها بلغة السهل الممتنع. طيّعة هي تلك المعاني والعبارات التي تملك من الشفافية ما تجعل القارئ يتماهى معها حتى النهاية، مدركاً بأن تلك الإعتراضات إنما هي شؤون وشجون... شؤون تلمس قاع الحياة وشجون تلمس قاع النفس والروح معترفاً للكاتبة بالقدرة على العزف على أوتار الحروف... والكلمات."الليلة سأعترف" للإعلامية والصحافية "ريما كركي"، لبنانية الهوية وجنوبية المولد، اعتدنا أن نراها لؤلؤة تضيء شاشتنا الصغيرة، هي مشروع كاتبة يحرك جمود حياتنا الثقافية لذلك أثمرت الآن كتابات، خَطت سطوره بثقة وصدق، والتزام بمبادئ الوطن، لذلك جمعت فيه "الكل": الحب والوطن والثورة والتغيير والأمل والحنين والغضب والحسرة والمواجهة والتحدي..
تحمل في سجاياها رقة في المظهر وثورة على الظلم، تشعرك من خلال كتاباتها أنها تعرفك شخصياً، بل تراقبك، بل تفضح مشاعرك إن كنت عاشقاً، وتقرأ أفكارك إن كنت متمرداً، وتمشي إلى جانبك على خط "الوطن والوطنية" إن كنت محباً للوطن بحق، وتعبد الله بطريقتك مهما اختلف انتماؤكما.
ترى بماذا ستعترف لنا ريما؟ هذا ما يخبأه كتابها "الليلة... سأعترف" كتاب كلّ منّا حاضر فيه بقوّة.
كامل... لم يكتمل.
"شيء ما اجتاحها، وهمس لها بأنها سيدة الأنوثة والقوة والجمال... بأنها لن تكون وحيدة بعد اليوم... حتى لو بقيت وحدها... حتى لو ضاعت عن كل كائنات الكون... حتى لو دُفنت تحت سابع أرض، فهي حيّة، نابضة بالخُضرة والهواء، منذ قرأت في قلبه كل أسرار بقائها... منذ لمست في روحه لماذا أراد لها الله أن تولد امرأة... بعده، لن تعرف ولن تعترف بالنهايات...
حلمّ لن يقتله الموت... ولن تغلبه الدنيا. حلمّ يخترع قدراً آخر... حلمٌ كامل لا يقهره عدم اكتماله... بل قد يكمن في ذلك سرّ كماله...".