نحو سياسة حضارية
تأليف
إدغار موران
(تأليف)
في هذا الكتاب مقال يعالج مشاكل نشعر بها في التجربة اليومية، والتي تتعلق بمعاشنا الملموس حيث يتعلق الأمر بقصور وعجز حضارتنا، ومن هنا يتعلق الأمر بحاجاتنا وآمالنا، التي لم تعد حاجات مالية.
وإجمالاً، يتعلق الأمر بإعادة إحياء الحياة الاجتماعية والحياة السياسية والحياة الفردية بشكل متكامل.
وحيث تشهد القرى، والأحياء وجميع أنحاء ...البلاد نهوض حركات إحيائية معزولة ومتفرقة، يأتي هذا الكتاب لا ليقترح برنامجاً أو مشروعاً مجتمعياً، بل لإنارة طريق.
ولكي يأخذ هذا النص معناه برأي الكاتب، فلا بد من إصلاح ثقافي وتجديد سياسي. فكل نظام لا يملك داخله وسائل مقاومة هذه المشاكل ومعالجتها محكوم عليه بالتراجع والتقهقر والموت، تلك المشاكل التي لا يمكن مقاومتها إلاّ بتجاوز الذات وإقرار طريق التحول.
ما يريد أن يقوله موران هو: أن على سياسة الحضارة أن تعمل على تنمية جميع الجوانب الإيجابية للعلوم، والتقنيات والدولة والرأسمالية والفردية، … إلخ.
يتعلق الأمر بالاستثمار في البحث وفي خلق طاقات لطيفة (…) والمراهنة على المناهج الجديدة في مجال البيوبيئية أو البيوجينية من أجل إصلاح الزراعات، والمراهنة على الأجيال الجديدة من الحواسيب الذكية، القادرة على تغيير برامجها؛ وباختصار، ينبغي علينا التفكير في عصر جديد للتقنية والعمل على تشجيعه…".
إن سياسة الحضارة لدى موران لا تشير لا إلى نموذج ولا إلى "مشروع" الحضارة، وإنما تشير إلى سبيل. وهي تدعو في آن واحد إلى إعادة غزو الحاضر، وإعادة إحياء الماضي، وإعادة بناء المستقبل. وتسمح في نفس الوقت بإعادة إحياء أمل ملموس وسياسة المقاومة للوحشية الجديدة تحمل في ذاتها مبدأ الأمل.
والأمل لديه "ليس بعثاً للوعد الكبير، إنه بعث إمكانية ما. ولن يتم القضاء على اللايقين والقلق، لكن ما دمنا لا نتحمَّلُ اللايقين والقلق إلا أثناء المشاركة والحب والتآخي والفعل، فإن سياسة الحضارة تحمل في ذاتها الاندفاع والمشاركة والأمل".