ظلال الوأد
تأليف
منيرة السبيعي
(تأليف)
"ظلال الوأد" عنوان مقلق في زمنٍ ولَّى فيه عصر الوأد. حين كانت المرأة توأد بمجرد قدومها عتبة الحياة، أم أن وأد الجسد استبدل في زمننا بوأد الروح والجسد معاً.. قالوا لها بالخطأ أتيت للدنيا.. وهل يخطئ الله فيخلق كائناً بالخطأ.
عندما تقرأ "منيرة السبيعي" تعرف أنها تنوي أخذك إلى عالم ...ذكوري أو بالأحرى مجتمع ذكوري، الرجل سيده والمرأة خلقت من ضلعه، كما يقولون. وكعادتها في كل ما تكتب تضع يدها على الجرح، ولكنها هذه المرة كشفت المستور والمسكوت عنه بمعالجتها للجانب الخفي من كواليس مجتمعنا العربي، حيث تقودنا الروائية إلى الاشتباك مع علاقة غامضة وحالة خاصة بين أخ وأخته، وأب وابنته.
وعلى يد "آمنة" تحيك الروائية أحداث روايتها بأسلوب سردي ذاتي يطغى عليه التحليل النفسي والاجتماعي في جميع مراحل العمل الأدبي حيث تدور أحداث الرواية في عائلة متوسطة الحال مؤلفة من أب وأم وأختين، وأخ وحيد "سلطان" وينفرد سلطان بموقع القوة والتسلط باعتباره الرجل الوحيد في العائلة بعد موت الأب، فيغرق في حالة من السكر وتعاطي المخدرات الأمر الذي أثّر سلباً على علاقته بالعائلة وخصوصاً الأخت الصغرى آمنة ابنة الثماني سنوات.
وعند الحادثة التي أصابت آمنة الطفلة تفجِّر الروائية حكاية لا تشبه بقية الحكايات، حكاية يعتصرها الألم، حالة أنثوية مستكينة، والتي لم تعرف وقتها ماذا يحصل لها من قبل أخيها (لا تخافين، ما يوجع..) وهي تتذكر ما حصل لها في سن مبكرة "وجهي قبالة خزانة الملابس وكف تمتد كأفعى تُطبق بفكها على فمي.. تكاد تكتم أنفاسي.. فلا أستطيع حراكاً.. أبقى هكذا وقت لا أدري طوله بقياس الزمن ولكنه كما كان كما لو أنه العمر كله.. فها هو الحدث لا يزال يحضر وقتما يشاء.. حياً.. مُعلناً أنه سرمدي لا ينتهي ولا يموت...". ومن هذه الحالة تتعرّض الروائية لحالات أنثوية أخرى في الرواية ما بين امرأة مستكينة وامرأة رافضة، وامرأة تحاول تخطِّي الصعاب وإكمال مسيرة الحياة.
ربما تكون الروائية باستعراضها لعدة حالات تحاول إلقاء الأضواء على الاعوجاجات والتناقضات في بنية المجتمعات التقليدية وثقافتها التي حدّدت للمرأة سلفاً دورها في الحياة، فأرادت أن تصرخ وتقول لا بدلاً من جميع نساء الأرض وأناهم المكتومة ونداءاتهم الصامتة.