الوادي المبارك مرائي الشعر. وجماليات المكان
تأليف
محمد إبراهيم الدبيسي
(تأليف)
في كتابه هذا يتلمس الكاتب السعودي "محمد إبراهيم الدبيسي" علاقة المكان في الشعر بوصفه مكوناً يتجاوز علاقة الإنسان الوجودية بالمكان، ويغذي الشعرية بطاقات يستمدُّها الشاعر من خلال وعيه بالوجود والأشياء، وشعوره بالمتغيرات، ومعايشته للمراحل والأحوال التي تمرُّ بالمكان، ومقاومته لسلطة الفناء.
وتأسيساً على هذا التصور، تحاول هذه الدراسة مقاربة المكان ...من خلال موضوعها: (وادي العقيق عند شعراء المدينة المنورة في القرن الرابع عشر الهجري). ملتزمة بمحدَّديها المكاني والزماني، ومحاولة استظهار العقيق في وعي هؤلاء الشعراء، وضبط التمايزات والفوارق بينهم في الوعي والتصور والتعبير.
تبدأ الدراسة بتمهيد يعرض لقيمة المكان الدينية، وما ورد في فضله من أحاديث نبوية شريفة أسست لتلك المكانة في وجدان المسلمين، وكذلك مكانته التاريخية والجغرافية والأدبية في مختلف العصور، وما قيل فيه من شعر لدى بعض شعراء تلك العصور يوضح المكانة الكبيرة التي احتلَّها وادي العقيق في نفوسهم، وتعبيرهم عن ذلك بقصائد توضح جمال طبيعته وأُنسهم بها، كما تعبر عن حبِّهم له وولعهم به، وتلهج بالحنين والشوق إليه. ويلي ذلك فصلان:
الأول: عرض لتعاطي الشعراء للعقيق. بوصفه مكاناً ومكانة يمتدان في وعي ووجدان أولئك الشعراء، ومشهداً يفيض بمسافة من المعايشة والتأمل والذكريات والوعي الجمالي، حيث عاش الشعراء بين أكنافه جزءاً من حياتهم، وارتبط العقيق لديهم بأجمل ذكريات الصبا والشباب.
والثاني: حاول سبر مقومات شعرهم في العقيق؛ وهو دراسة فنية من حيث الكمِّ والنوع، واللغة، والأساليب، والأفكار، والموسيقى، ثم المعاني والأفكار وجميع ما تقتضيه الدراسة الفنية من عناصر وتفصيلات.
وعلى هذا تبدو "الدراسة معنية بكشف جانب من جوانب المكوِّن الشعري والشعوري لشعراء المدينة في فترة زمنية محددة، ومن خلال مكان حفل بمقومات حضارية. من بين ملامحها عناية أولئك الشعراء به، واحتلاله مكانةً في وعيهم وتجاربهم، وهو ما حاولت الدراسة مقاربته ودراسة أنماطه وتشكّلاته". وهنا ".. يغدو الشعر بوصفه إحدى تجليات الثقافة، ومظاهر التدليل على الذاكرة، وتوليد كينونة الوعي الإنساني؛ باباً من أبواب القراءة للرمز، والتأليف للصورة واستنطاقها".