جون برجر...إنه كاتب عظيم وتستطيع أن تشعر بذلك منذ السطر الأول لتلك الرواية،،هناك سيل من المشاعر المتدفقة يقابلك في كل كلمة ،حاولت أن أبحث عن سيرته فلم يخب ظني،كان مناصراً للمظلومين وخاصة للقضية الفلسطينية وندد كثيراً بالاحتلال الاسرائيلي،الكاتب ذو الرؤية المدافعة عن الحق والعدل أظن بأن رواياته تصمد في مواجهة الزمن والنسيان..
أما عن تلك الرواية من عايدة إلى كزافيه فهي ليست رواية أبداً،هناك شئ بها حقيقي أو عدة أشياء غير قابلة للحصر،لقد لامست قلبي حتي إنني في كل سطر أقف لأبكي،لست أدري لم تستهويني روايات أدب السجون ربما لأنني أضع نفسي مكان كل أم فقدت ابنها وهي لا تعرف أن لا أمل لها في لقائه أو في خلاصه من عذابه خاصة ذاك الذي اعتقل نتيجه آرائه أو أفكاره أو حبس ظلماً أو أو.... تلك الرواية مفعمة بتفاصيل بين ثنايا الكلام أحاول أن أقرأ على مهل كي أتشرب كل جزء فيها..الحب المتبادل في الرسائل بين السجين وحبيبته والذي لا يموت بانقضاء الأيام بل يزداد اشتعالاً والذي ورد في أول الرواية
ليس الحب أضحوكة الزمن
الحب أبدي مهما طال أو قصر عمره
يعانق الزمن حتى مشارف الموت
لو كنت أخطأت في ذاك،لما أحببت يوماً
ولا بقى الحب نابضاً بين البشر
وفي منتصف الرواية تتجلى كل مشاعر عدم تصديق وفاة المحبوب في قولها..
❞ تلتقط أنفاسها لتتابع: ما لم أستطع احتماله - وقذفت بالكلمات قذفاً - هو أنني لم أحتمل أن يكون هناك اثنان من شخص رامي إذا لم يكن رامي فريداً، إذا لم يكن هناك رامي واحد فقط، فهذا يعني أنه لم يمت! ❝
عند المرور على تلك العبارة توقفت كثيراً لاستيعاب كيف استطاع الكاتب تصوير تلك اللحظة الانفعالية شديدة التعقيد .كيف عندما نقابل شبيهاً لمن فقدناه نمعن النظر فيه جيداً لنتيقن أنه ليس هو ونحاول إقناع أنفسنا أنه ربما عاد للحياة كي يرانا وفي نفس الوقت لا نريد أن نصدق أن هناك شبيه له على هذه الأرض كيف وهو في خيالنا المزدحم يملك جميع المميزات..هو نادر،هو فريد،هو لا يتكرر.
ثم ينقلنا إلى حالة أخرى من المشاعر حين يردد على لسان أحدهم"لماذا لا يتوقف البشر عن تمزيق بعضهم إرباً إرباً؟"
أكثر ما يشد انتباهي أنني لا أمشي على نفس الوتيرة في قراءتي للأحداث،مزيج من العواطف التي ترفعني إلى السماء ثم تهبط بي فجأة بشكل يخالف جميع توقعاتي.