امرأة خارج الزمن
تأليف
سلوى البنا
(تأليف)
لأن الزمن ليس هو الزمن. وربما لأن المكان ليس هو المكان. اختلطت الأماكن والأزمنة، تشابكت، تلاحمت، ضاعت الملامح والخصوصيات وتلاشت الحدود والمسافات. وسقطت كل الأوراق بما فيها ورقة التوت، هذه التي حاكت فولكلورنا لأجيال وأجيال.
"امرأة خارج الزمن" رواية تحكي عن عُمرٌ مرسوم بلون الجرح وطعم الدم ومرارة الخيبة لامرأة ...استثنائية، الكلمة سلاحها، خرجت من أحد الزواريب القديمة التي تعربش على أرصفتها بسطات ملابس البالة وعربات سمك السردين. ومزيج من الصور التي تخطفك وتطير بك في فضاءات مشعة ودافئة. فتشكل إمبراطوريتك الخاصة بلا أنظمة ولا قوانين، وبلا عسكر أو قادة، أو زنازين والمهم بلا أجهزة!
وفي هذه الرواية تضفي الروائية على المرأة الفلسطينية، قيمة خاصة، لا تملكها غيرها من نساء الأرض. فهي حنونة، عاطفية، وفي الوقت عينه، صلبة، لا تهادن جلادها، صقلتها الحياة، فولدتها من جديد كحال "مها سليم" بطلة الرواية، التي امتازت بأكبر قدر من المواجهة حتى داخل أسوار السجن. امرأة مليئة بالأنفة والكبرياء، صريحة في كل شيء، لا تعرف النفاق ولا المداهنة، واضحة توصل شعورها للآخرين دونما خجل «... لا تكتبي العمر أغنية للعشاق ولا أنشودة للأطفال. فمثل حروفك لا تشبه شمس النهار ولا خيوط الفجر. وحذار أن يستيقظ الجرح النائم في صدرك أو تنتفض فيك الذاكرة فتصدقي أن ثمة نبض ورؤى وأطياف حياة وثمة صباحات آتية وثمة أوراق وأقلام، وأكشاك كتب ومجلات وصوت ينادي وحرية قادمة!
اكتبي أو لا تكتبي فالأمر سيان. وهذا العمر المرصوص حكايات وجع بات خارج المشهد (...) سجينة قبو سحيق بارد مظلم، ومسكون بمخلوقات غريبة. لن تترك الصوت يتمكن منها أو يهزمها...».
ما يميز العمل حرارة الأحداث ودراميتها أو بالأحرى سخونتها في علاقة تكاملية واكبت من خلالها الروائية الجانب الإنساني من قضية العرب الأولى، ماضياً، وحاضراً، وجسدت تجربة السجن بكلمات، استخدمت فيها حبر القلب وليس حبر القلم وهي تصف لنا ذلك الموت المجاني المتنقل، وذلك السجن، الذي بات فيه الإنسان رقماً بلا اسم ولا هوية ولا عنوان...
"امرأة خارج الزمن" رواية ممتعة تجسد رؤية واقعية مشوبة باحتمالات الوجدان الرومانسي وأبعاد الحس المأساوي، فهي بقدر ما تعكس من مظاهر البؤس والضياع، واستلاب الفكر، بقدر ما تحيل على الوجه الآخر للمفارقة متمثلاً بذلك المشهد العاطفي الذي يتدافع فيه الأمل واليأس، وفورة الحب الرومانسي في أسمى وأرق صوره.