الديمقراطية وحقوق الإنسان في الإسلام
تأليف
راشد الغنوشي
(تأليف)
في هذا الكتاب يطرح الشيخ راشد الغنوشي قائد حركة النهضة الإسلامية في تونس قضية هي من أهم قضايا العصر الفكرية والسياسية. تتعلق بالفهم الإسلامي للديمقراطية وحقوق الإنسان في الإسلام.
ما يميز طرح الغنوشي أنه يتكأ على جوهر الرسالة المحمدية وهو مبدأ التوحيد وأبعاده وانعكاساته التوحيدية الجامعة لمختلف أبعاد الإنسان والطبيعة ...ضمن تعددية حقيقية تعترف بكل أبعاد الإنسان وبكل ما في الكون من تعدد وما في المجتمعات والحضارة من تنوع في تناغم ورؤية شاملة وصبغة جامعة لا تجد التعبير الجلي عنها خارج الرسالة الخاتمة رسالة التوحيد.
يعتبر الغنوشي أن دولة الإسلام هي حكومة مدنية فهي "… دولة الناس الذين يجتهدون فيصيبون ويخطئون عبر الشورى المتخصصة والشورى العامة التي تجعل الحاكم مجرد خادم للشعب ووكيل عنه يعمل تحت رقابته في إنفاذ حكم الله وإرادة الشعب، فهي حكومة مدنية من كل وجه طريقها الاختيار الشعبي.. يحكمها قانون يتساوى أمامه كل مواطني الدولة بصرف النظر عن جنسهم واعتقادهم، لا تختلف آليات سيرها عن الديمقراطيات المعاصرة إلا بمرجعيتها الخلقية العلوية، مرجعية الشريعة. وما من دولة ديمقراطية أو غير ديمقراطية إلا وتقوم على أسس فلسفية وقيمية تمثل الموجهات الكبرى لسياساتها بصرف النظر عن مصدرها أرضياً كان أم سماوياً، صريحاً كان أم ضمنياً من مثل مبادئ حقوق الإنسان أو مبادئ القانون الطبيعي".
تنوعت الطروحات المرقونة في هذا العمل على مسارات معرفية – فكرية متعددة اتخذت من المسار النقدي ميداناً لها وضعها الكاتب في بابين:
الباب الأول: الديمقراطية في الإسلام. ويضم أربعة فصول هي: الفصل الأول: مبادئ الحكم والسلطة في الإسلام، الفصل الثاني: الوسطية في علاقة الدين بالسياسة، الفصل الثالث: الإسلام والديمقراطية (جدلية الوحدة والاختلاف والتعددية في الإسلام، التعددية السياسية في الإطار الإسلامي)، الفصل الرابع: الإسلاميون والديمقراطية في الوطن العربي (تحفظات على الديمقراطية في البلاد العربية، التحالف مع الإسلاميين مطلب المرحلة أم سير ضد الطبيعة؟).
وأما الباب الثاني فجاء في: الحريات وحقوق الإنسان في الإسلام. ويضم أربعة فصول هي: الفصل الأول: الحرية في الإسلام، الفصل الثاني: حقوق الإنسان في الإسلام (دستور المدينة، حقوق الإنسان في الإسلام والإعلانات الحديثة لحقوق الإنسان، حقوق الإنسان في الإسلام وأثرها في سلوك المسلم الاقتصادي)، الفصل الثالث: في العلاقة بين الحرية والحضارة من منظور إسلامي (هل من حد فاصل بين خطاب إسلامي عربي وآخر إسلامي غير عربي، نمو مقومات مشتركة للمجتمع العربي)، الفصل الرابع: العنف.. الأسباب والعلاج (هل يمكن للشر أن ينتج الخير؟).
وأخيراً (ملاحق) تتضمن: 1- التجربة التركية في الحركة الإسلامية المعاصرة: نموذج حزب العدالة والتنمية، 2- هل هناك فرصة للنموذج التركي في العالم العربي؟ 3- العدالة والتنمية المغربية إلى أين؟ 4- مدى قابلية النظم العربية للتحول الديمقراطي.
وبعد كل هذا العرض يخلص الغنوشي من كل ذلك إلى نتيجة مؤداها: "أن فرص التغيير الديمقراطي للنظام العربي عبر الطرائق المعروفة في الأنظمة الديمقراطية معدومة، هو من قبيل وضع العربة قبل الحصان. يوجد النظام الديمقراطي أولاً ثم تتولى أدواته تحقيق التداول بين نخبه. أما في حالة غيابه كما هي صورة الحال فالمهمة المطروحة هي النضال الجماعي والجاد من أجل تأسيسه، وليس إلى ذلك من سبيل متاح بعد فشل نماذج الانقلاب وكارثية تجارب العنف، غير سبيل التغيير الجذري عبر الحركات الشعبية من مسيرات وإضرابات واعتصامات، تقودها جبهات تضم تيارات مختلفة تلتقي حول مهمة واحدة: استعادة السلطة للشعب ورفض كل وصاية عليه وكل منزع فردي وإقصائي.
وهو ما يقيم تمييزاً واضحاً بين عمل معارض في نظام ديمقراطي يعترف بتداول السلطة عبر الانتخابات الحرة النزيهة وبين عمل "المعارضة" في ظل نظام ديكتاتوري هو شبيه إن لم يكن أتعس من حكم الاحتلال، بما يجعل عملها أقرب انتماء إلى عمل المقاومة في ظل الاحتلال، حسب تعبير صديقنا المرزوقي. وهو العمل المطلوب اليوم مع معظم الأنظمة العربية، ولا سيما تلك التي فضحتها غزة، وكشفت عزلتها عن شعوبها وانحيازها إلى الجهة الأخرى جهة معسكر الاحتلال وحلفائه".