الدولة المأزومة والمجتمع الحائر
تأليف
سليمان عبد المنعم
(تأليف)
يشكل كتاب (الدولة المأزومة والمجتمع الحائر) لمؤلفه الأستاذ "سليمان عبد المنعم" مقاربة موضوعية للمأزق الحضاري العربي الراهن في أكثر من بلد عربي.
على من تقع مسؤولية الأزمة في البلدان العربية. السؤال المحوري الذي يدور حوله الكتاب، هذه الأزمة أنتجت حيرة عميقة إلى درجة أننا كعرب انشغلنا بأعراض المشكلة وأهملنا جذورها فقبل ...أن نعالج مظاهر أمراضنا الاجتماعية لا بدّ من البحث عن مسبباتها. من هنا يتساءل المؤلف "هل يعني إصلاح السلطة تلقائياً وبالضرورة صلاح المجتمع؟ ومن الذي يُفسد الآخر: هل السلطة هي التي تُفسد المجتمع أم أن المجتمع هو الذي يُفسد السلطة؟...".
وفي طريقه إلى الإجابة عن هذه التساؤلات يعرض المؤلف لوجهات نظر مختلفة، تمثل كافة الأيديولوجيات الراهنة، ولكنه يعود ويعترف ".. فلنعترف أننا – سلطة ومجتمعاً – نتقاسم المسؤولية عما آلت إليه أحوالنا. فوراء كل سلطة مستبدة وفاسدة مجتمع (أو بالأقل نخبة) ارتضت بذلك وشرعنته واستفادت منه (...) ويمكن أن نضيف إنه لولا ثقافات بعض المجتمعات لما وُجدت الأنظمة المستبدة أو الفاسدة، أو على الأقل لما تهيأ لها الاستمرار...".
أما الحل برأي "سليمان عبد المنعم" فيتمثل "... بصلاح الاثنين معاً (السلطة والمجتمع) تنهض وتتقدم، وبفسادهما أيضاً تنتكس الدول وتتخلف. فنحن لا نكاد نعرف في التاريخ سلطة ظالمة لمجتمع من الأحرار والأخيار، بقدر ما أننا لم نعرف أيضاً سلطة عادلة لمجتمع من اللصوص والأشرار!...".
وأما مظاهر الأزمة فتتعدد في بلاد العرب فنحن "... ما زلنا نتساءل بعد أكثر من قرن من الزمان أن لماذا تخلفنا وتقدم غيرنا؟ وفي الإجابة عن السؤال لم نحسن التقاط الأولويات. لم نفكر مثلاً كيف يمكننا الاستفادة من تجربة النهوض الصيني العظيم. أخذتنا الفروع على حساب الأصول، وتقدمت المظاهر على المضامين، و"الثانويات" على "الجوهريات" حين فكرنا في الوحدة تصوّرنا أنها تعني التطابق، وحين اكتشفنا اختلافنا واجهناه بالشكوك ومحاولات الإقصاء المتبادل، واستعنّا بالآخرين على بعضنا البعض، ثم رحنا نتساءل أن لماذا تمدّد الآخرون في ديارنا؟ نسينا أننا نخرج من جلودنا ونشاهد في ذهول تفتت أوطاننا. نصطنع التناقض بين انتماءنا الوطني وبين قيم التقدم الإنساني، وهي من صلب حضارتنا العربية الإسلامية التي ازدهرت زمناً...".
وأخيراً يتساءل المؤلف هل ستغير الثورات العربية من واقع الحال الذي تعيشه بلداننا؟ يقول "جاءت الثورات العربية (حالة مصر نموذجاً) بعد صبر طويل، وغضب متراكم، وفقر مدقع، واستبداد جاثم، وفساد منتشر، لكن ها نحن بعد عام تقريباً نكتشف أن الأسباب القديمة التي أنتجت أزمة السلطة وحيرة المجتمع ما زالت قائمة حتى اليوم. فأزمة السلطة تجلّت في "عقلية" إدارة المرحلة الانتقالية بعد الثورة (...) أما عن حيرة المجتمع فقد بلغت ذروتها واكتسبت أشكالاً شتى تفتت ضمير الثورة الجمعي إلى ضمائر. واحتدم الجدل بين الضمائر فاندلعت حروب التخوين..." أما التحدي الأهم الذي يواجه العرب اليوم هو ثورة أخرى "مطلوبة على أنفسنا وعاداتنا وسلوكياتنا وطريقة تفكيرنا. هذا هو التحدي الذي يواجهنا اليوم. لأنه من هنا نفض إشكالية العلاقة الملتبسة بين السلطة المأزومة والمجتمع الحائر".
يضم الكتاب سبعة وعشرون عنواناً يعالج الأزمة أو المأزق الحضاري العربي نذكر منها: كيف السبيل لمشروع نهضوي عابر للأيديولوجيات، كيف تتصالح ثقافتنا مع الديموقراطية؟، لمن الانتماء اليوم: للوطن أم للإنسانية؟، هل نحن حقاً أمةٌ لا تقرأ؟ (...) لماذا يتعاطف الغرب مع إسرائيل؟... إلخ.