الطواحين وأنا..
تأليف
عباس أرناؤوط
(تأليف)
في العقود الأخيرة من القرن العشرين تسيدت رواية السيرة الذاتية الموقف. وباتت تحتل مكانة بالغة الأهمية، لقد بدت في غزارتها وخصوبتها كأنها نوع من تفحص الذات ومراجعتها ومساءلتها.
(الطواحين وأنا..) رواية المخرج والكاتب الأردني "عباس أرناؤوط" ما أن يتفحصها القارئ حتى يلاحظ علاقتها برواية السيرة الذاتية، حيث تتقاطع أحداثها وشخصياتها بمكونات ...من حياة الكاتب لا لبس فيها..
بداية، نعثر في (الطواحين وأنا) على علامة أجناسية هي عبارة "رواية" تصاحب العنوان موجهة القارئ منذ البدء على تلقيها باعتبارها رواية، غير أن القارئ العارف بحياة الكاتب وفنه يجد نفسه أمام نصوص لا تخلو من التطابق بين الكاتب والراوي والشخصية، وبذلك، تكشف السيرة الذاتية عن ذاتها؛ كونها كتبت بضمير المتكلم المفرد "أنا" الذي يصهر كل من الراوي والشخصية والكاتب في بوتقة واحدة، وبكلام آخر، في ذاكرة واحدة توحدت فيما يشبه حالة الحلول، فماذا أراد عباس أرناؤوط أن يقول لنا في طواحينه هذه:
يقول الكاتب في ثنايا عمله:
"... أؤمن أن الفن رسالة وأن أفعالنا هي كلماتنا تمشي على الأرض ولا بدّ أن يطابق العمل الفكر.
لو سألني سائل في أي زمن عشت لقلت عشت زمن عبد الناصر. آمنت وتعلّمت أن الأمة واحدة لا تفرّق بينها حدود.. وأن لغتنا أحد عوامل وحدتنا.. كم حاول الاستعمار أن ينمّي اللهجات المحلية كي يجعل اللغة لغات والأمة شعوب.. كنّا إذا اجتمعنا في الغرب طلبة من أقطار مختلفة تجمعنا اللغة بها نتعارف ونتفاهم.. لهذا فأوّل واجباتي أن أحافظ على اللغة العربية وقرّرت أن تكون أعمالي باللغة العربية الفصحى تجمع الأمة ولا تفرقها...".
هكذا هو عباس أرناؤوط يكتب عن الحياة، عن الموت، عن الفن؛ عن الحرية، وعن العدل "... ليتني كنت تشي جيفارا.. أقاتل من أجل العدل.. أو بوذا يبحث عن السعادة للآخرين (...) أريد أن أكتب النهاية..
هذا كتاب عن الحياة ونهاية الحياة الموت.. كلنا يعرف النهاية.. وكلّنا يجهلها.. يوماً كتبت قصة عنوانها "يحدث الآن".. وما يحدث الآن هو النهاية.. أو لعلّه البداية لحكاية تالية...".