مشروعية السرد في بيان بيدبا
تأليف
يوسف إسماعيل
(تأليف)
في جديده "مشروعية السرد في بيان بيدبا" يقدم الدكتور يوسف إسماعيل مقاربة تحليلية حول نص كليلة ودمنة بوصفه نصاً كلي الدلالة بسمتيه: البنائية والدلالية، إذ تتداخل العلاقة بينهما كما يرى المؤلف لتولد لنا مقاربة لأشكال انفتاحه على العالم الخارجي. ويأخذ صورته الشمولية من بعده الإنساني في مقاربته العلاقة بين الظلم ...والعدل، أو بين العقل والجهل، أو بين الحاكم والمحكوم أو بين القوة والضعف. وإلى ما هنالك من تنويعات وإبدالات على هذا المستوى يمكن اختصارها بتجلٍ حُلميّ بين ماهو خرافي - بمعنى استحالة تحقيقه – وما هو ممكن .
و بناءً على ما تقدم يعتبر مؤلف الكتاب أن قراءته لنص كليلة ودمنة: "لا تبتغي فرض رؤيتها للنص على القارئ، وإنما تطمح إلى إثارة الحوار؛ ذلك الفعل الخلاق الذي بَنَى عليه ابن المقفع نصه، رغبةً في الوصول إلى علاقة حضارية بين قطبي الصراع في الحياة. صراع معلق في الفراغ، دون فضاء ودون زمان؛ ليبقى سر وجود ديمومة الحياة وإنتاج البديل المنفي داخلياً بفعل إنتاج بديل مختلف.
وإذا كان ابن المقفع قد أنهى قراءته لمتن القصة في زمنه الكتابيّ، فإنه فتح قراءته على اللامتناهي؛ لكي نقرأها في أزمنة متعددة. وما تحليلنا للنص، بناء ودلالة، إلا محاولة لتبيان اللامتناهي في الفهم والتأويل دون وضع نقطة تنهي تسويد البياض. (...)".
وعلى هذا انقسمت المقاربة الآنفة الذكر الى بابين:
في الباب الأول قرأ المؤلف النص كوحدة بنائية ً تتجلى دراسياً بثلاثة فصول متلازمة، هي: 1- الحكاية الإطار أو ما يسمى "الحكاية الأم" عبر وحداتها الوظيفية والبنائية. 2- الحكاية المضمَّنة من خلال حدودها وقواعد ضبطها وتفرُّعها الحكائي وأنماطها التخييلية. 3- مظاهر حضور الراوي والمروي له، باعتبار صيغ التعدّد والتوحّد والعلاقة فيما بين مكون أي رسالة ثلاثية التركيب "المرسل – الرسالة – المرسل إليه".
أما في الباب الثاني فقرأ المؤلف النصَّ كوحدةً دلالية تُنتِجُ من النص وحدةً بنائية، وتفرض على النص وحدته البنائية في الوقت ذاته؛ ولكنْ من خلال البحث عن علائق النص باعتباره قصة حدثت في زمن ما، ثم تمّ تلقيها عبر الكتابة والقراءة؛ أي عبر زمنين: الأول مرهون بفعل الكتابة ومحدّد تاريخياً. والثاني مرهون بزمن التلقي وغير محدّد ومتجدّد ومتوالد عبر الأزمنة والقرَّاء. وبذلك يخلص المؤلف الى مفارقة زمنية تنتج الدلالة على المستوى العميق، وتتضافر مع التجلّي الكتابي للنص، فتفرز الدلالة المنتجة ذاتها، ولكن على المستوى الأفقي، وقد تجلى تفصيل ذلك في الكتاب تحت اسم ترهين النص في مبحثين: الأول: زمن القصة وزمن الكتابة، والثاني: زمن القراءة ...