تمارا... البقية تأتي
تأليف
نضال عساف
(تأليف)
من خلال رصده لظاهرة الاغتصاب في جديده الروائي "تمارا... البقية تأتي" يكتب نضال عساف حكاية المرأة في مجتمع ذكوري، ففي مواجهة الممارسات الذكورية في المجتمع تضيق "تمارا" بما يحدث للنساء ضحايا الاغتصاب فتنبري للدفاع عنهم وحمل قضيتهم والتعبير عنها حتى تقع هي نفسها ضحية الاغتصاب.
يعالج نضال عساف هذه الظاهرة من ...خلال حكاية تمارا، الشخصية المحورية في الرواية، والشخصيات الأخرى الفرعية المتمحورة حولها بحكاياتها المختلفة؛ فوجود بقية الشخصيات مرهون بوجود الشخصية الرئيسية. وحيث يكون لكل شخصية في العمل دور تنهض به في الرواية للتعبير عن الظلم الواقع على المرأة فنقع على الضحية الأولى في الرواية "الأم" التي تركها زوجها مع ثلاثة أطفال "تمارا" ونبيل" و"ملاك" وذهب إلى امرأة أخرى تكبره بسبع سنوات طمعاً في أموالها، ونقع على "ميسون" الصديقة التي اغتصبت في المقابر وذنبها أنها خرجت ذات ليلة تبحث لأمها المريضة عن دواء، ونقع على"رهف" ابنة عم تمارا الفراشة التي تزوجت رجلاً يكبرها أربعين عاماً على أثر صفقة عقدها والدها مع "الشيخ رضا" فباعها كما تباع الماعز في مقابل زواجه من أخت الشيخ الأرملة التي ورثت من زوجها المتوفى الكثير من الأملاك والأموال. ونقع على "تمارا" التي ما لبثت هي الأخرى وتعرضت للاغتصاب في "الهند" البلد الذي اختارته لإتمام دراستها في الطب، حين خرجت ذات مساء ليلاً تطلب هاتفاً للاطمئنان على أسرتها لتستيقظ هي والمدينة على خبر مقتضب في إحدى الصحف: "استيقظت مدينة دلهي في صباح أمس الأول على جريمة بشعة إذ تعرضت فتاة مغتربة تدرس الطب لاعتداء من قبل عصابة مكونة من ثلاثة أشخاص بحوزتهم سيارة حيث تم ملاحقتها من قبل شخصين وما أن حاولت الهرب إلى الشارع حتى حاولا محاصرتها...".
هذا ما تقوله الرواية في خطاب روائي جانبَ التعقيد، وآثر التقنيات البسيطة؛ فاستخدم تقنية الراوي العليم الذي يتوارى خلفه الروائي ليقول رؤيته الروائية وإخراجه للأحداث، وقد راعى التسلسل بين الوحدات السردية المتعاقبة في خط غير متكسّر، بحيث تتكفل كل وحدة سردية بإضاءة حدث جديد وإضافته إلى عملية الروي وقد اختار الروائي لكل وحدةٌ عنوان مثل: (البكارة – الرسائل – نيودلهي - لندن) إلا أنه في السياق العام ثمة تسلسل وقائعي لأحداث الرواية التي تدور بين أرض عربية وأخرى هندية وثالثة أوروبية تنتهي بها الرواية نهاية رومانسية لتفترق عن الاتجاه العام للرواية حيث تجد تمارا في النهاية من يأخذ بيدها إلى بر الأمان ويمنحها الحب والسعادة ولم لا فـ "الحب أجمل سلطة يمكن أن نخضع لها بإرادتنا أو رغماً عنا.. لا خيار لنا في الحب.. ما نحن إلا لسان ينطق به وقلب ينبض بأحاسيسه..."، وهكذا يتكامل السرد والحوار في روي الأحداث والوقائع والسير بها نحو النهاية.
"تمارا... البقية تأتي" رواية ذات وجهين الأول قاتم والثاني مضيء كُتبت لتقول أن الحياة على قتامتها يبقى هناك فسحة أمل ولعل الكلام المنسوب إلى "موسى" في الوصايا العشر أكثر تعبيراً عما أرادت قوله الرواية: يقول "موسى" النبي: "لا تقض على حياة حي.. لا تسرق ولا تغتصب.. لا تكذب.. لا تتناول مسكراً.. لا تزن.. لا تأكل طعاماً نضج في غير أوانه.." ولكن يبقى السؤال كم واحد منا استطاع العمل بواحد من اللاءات تلك وليس جميعها؟