في زمن الحرب - قصص قصيرة
تأليف
سهلة آل سعد
(تأليف)
النص القصصي عند سهلة أل سعد هو نوع من العلاقة الجدلية بين الحكاية وراويها، بين المسرود والمكتوب، أو بين الذكريات المكتوبة بصيغة الرسالة والوقائع المتذكرة والمعيشة. وكأن شخصية السارد وأبطاله شخصية واحدة أو إحداهما مرآة الأخرى.
في مجموعتها القصصية الجديدة "في زمن الحرب" تنوه الكاتبة إلى ما يمكن أن يطلق ...عليه (ثنائية الكتابة أو ثنائية السرد أو ثنائية القالب) أو هكذا تدعوه على الأقل، وهي تتوجه إلى القارئ قائلةً : ففي كل كتاباتي على اختلاف أنواعها ستجد منها ما هو مصاغ مرتين بشكلين أو قالبين مختلفين ولكن بنفس الفكرة، ولا أعلم لهذا الصوغ الثنائي مرداً أو مغزى سوى أنني أمتلكه منذ بدايات تحسسي للكتابة وأجدني أخوض غماره على غير وعي أو تخطيط.
وتتابع الكاتبة: "... إذاً (ثنائية الصوغ) أو (توأمة القص) إن شئتم، تجدونها في هذه المجموعة القصصية في قصص مثل: الشوارع الأخرى.. وتحت الشمس، الكوس.. وزيارات العصاري، والحب المؤلم.. ولن يحصل، أنور.. المشاغبة، حريتي.. ومتمردة... أود أن أنوّه إلى أن مرجعيات هذه القصص استنبطت من الواقع أحياناً، ومن الخيال أحياناً أخرى، ومن ملاحظات ومعايشات عن قرب في أحيان ثالثة. تزخر القصص بالعديد من المقارنات والموازنات بين ما كان وما صارت إليه الأمور، وما درج وما آل إليه الحال.. هي رصد متعدد الزوايا للعديد من أوجه الحياة القطرية قديماً وحديثاً، وهي قراءة وتسجيل لأشكال اجتماعية ومجتمعية ونفسية قديمة وحديثة أيضاً...".
وبانتقالنا إلى القصة التي اتخذت منها الكاتبة عنواناً للمجموعة "في زمن الحرب" سنجدها تقول شهادتها على مرحلة معينة عاشتها الكويت أثناء حرب الخليج الثانية ورصد لأثرها في الجماعات والأشخاص، وتصويراً فنياً لانعكاس الوقائع والأحداث داخل الشخصيات وخارجها أي العلاقات التي يجري نسجها فيما بينها. "ليلة البارحة غلفت مع والدي جميع نوافذ المنزل وفتحات مكيفاته وكل ثغرة في حائطه تحسباً للضربة المهدد بها، وقبلها بأسبوع اشترينا تموين المطبخ لفترة ثلاثة أشهر...". ولعل الكاتبة باستعادتها لتلك المرحلة من تاريخ بلادها في بدايتها وأحداثها وما آلت إليه روائياً؛ أرادت إسقاطها على حاضرنا العربي في هذه الحقبة من التاريخ، فقط تغيرت أسماء الدول الجارة التي تحارب بعضها، وأسماء من يديرون اللعبة في الداخل والخارج؛ من هنا تكتسب الكتابة أهميتها عند سهلة آل سعد من أن التاريخ يعيد نفسه، ومن أن العرب يكررون أخطائهم دوماً، "جاءت أمريكا بطائراتها إلى جانب قوات درع الخليج وسجّل الكويتيون لجورج بوش الأب والموقف الأمريكي عرفاناً وتقديراً... عاد النازحون إلى ديارهم... لم تعد الطائرات تحاوم في السما.. ولكن بقي اللاصق الذي وضعته مع والدي على أطراف نوافذ ومكيفات المنزل سنوات طويلة بعد ذلك حتى رحيل والدي.. مذكّراً لنا بأن خوفاً خالج قلوبنا ذات عام". هذه رسالة الكاتبة إلينا فهل وصلت الرسالة؟
تضم المجموعة (38) قصة قصيرة جاءت تحت العناوين الآتية: "الشوارع الأخرى"، "تحت الشمس"، "زيارات الضحى"، "محل بو أحمد"، "شجرة التوت"، "وغادرت في صمت"، "هديّة"، "القصاص"، "غابت الشمس"، "بعد الغروب"، "أن تصوغ إيمانك" (...) وقصص أخرى.