قصة القلب ؛ كيف كشفه رجاله
تأليف
عامر شيخوني
(تأليف)
اعتقد الناس والأطباء والحكماء والأدباء أنّ في القلب سر الحياة، وذلك لأن الموت ارتبط لديهم دائماً مع توقف القلب عن الخفقان. وتصوَّر الأطباء والحكماء أنّ روح الحياة تتدفق من القلب إلى سائر أعضاء الجسم، وأنّ توقفه عن الخفقان ينزع روح الحياة عن سائر الجسد. كما أضفى عليه الشعراء والأدباء تدفّق ...العاطفة ومشاعر الحب والهيام، بل ونَسب كهان بابل ومصر وأطباء الفرس واليونان الحكمةَ والعقلَ إلى القلب، ولْم تميٍّز قواميس العرب ومعاجمهم بين العقل والقلب.
قد يستغرب أطباء هذه الأيام مدى خطأ القدماء في تصور عمل القلب ودوره في تأمين ما يحتاج إليه الجسم من الدم لضمان الحياة، وقد يصعب عليهم تخيل مدى المصاعب التي واجهتها الأجيال المتعاقبة من العلماء والباحثين، والأخطاء الفادحة التي ارتكبوها، والتجارب المضنية التي قاموا بها إلى أن توصلوا إلى فهم الدورة الدموية، واكتشاف دور القلب في ضخ الدم إلى الجسم في دورة متكاملة ومستمرة... بنظام دقيق وبديع ورائع الكمال.
ولكن قراءة الرواد الأوائل فيها الكثير من الفوائد والعبر، ولعلنا نتلمس فيها أهمية التفكير الحر وعدم تقبل الآراء والنظريات العلمية غير المثبتة بالتجربة والبرهان، ونتعلم منها أنّ التوصل إلى حقائق الأمور طريقٌ حافلٌ بالتعب والإصرار والمثابرة والجهد، ويحتاج إلى الكثير مِنَ الصبر والإيمان.
من وحي كتاب "قصة الميكروب، كيف كشفه رجاله" للكاتب المصري الشهير الدكتور أحمد زكي (1894-1975). من وحي ذلك الكتاب وتلك الذكريات، يضع الدكتور عامر شيخوني كتابه الموسوم بـ "قصة القلب، كيف كشفه رجاله" وعنه يقول الكاتب: "فكرت بتأليف كتاب عن تاريخ اكتشاف القلب في القرن العشرين الذي شهد شهد ثورة رائعة في دراسة هذا العضو النبيل، ومعرفة أحواله، واكتشافِ الطرق العلمية لفحصه، وعلاج أمراضه التي كانت تبدو مستحيلة الشفاء في أواخر القرن التاسع عشر. ولذلك لا غرابة في أن أختار لهذه المقالات عنواناً طالما أثار إعجابي وفضولي، على نسق العنوان العبقري الذي قدمه لنا الدكتور أحمد زكي منذ خمسين عاماً: قصة القلب... كيف كشفه رجاله".
وهكذا عبر فصول هذا الكتاب الإحدى عشر سيتعرف القارئ على تجربة غنية للدكتور عامر شيخوني في مجال الطب، وسيتعرف كلٌ منا أكثر على قلبه بما فيه من مشاعر خوف وحماسة وغضب وحبّ وعلاقة هذه الأشياء بنبضه، وما كتبت عن القلب الحضارات القديمة والحضارات الحديثة، كيف درسه الأطباء من جيل الرواد أمثال ابن النفيس وابن سينا ووليم هارفي وصمويل ميلتزر وثيودور توفييه وأليكسيس كاريل... وآخرون ممن ساهموا برسالتهم الإنسانية في جراحة القلب وطوروا فيها حتى الوصول إلى القلب الصناعي. إنه بحق القرن الرائع العظيم الذي قام فيه الرواد بجهود مضنية خالدة لتطوير المعرفة الإنسانية في اكتشاف القلب. فلنقرأ جميعاً قصة القلب وكيف كشفه رجاله...
