اعترافات الأماكن
تأليف
أحمد هاشم
(تأليف)
مدنٌ مهجورةً يسكنها الأموات، وأخرى خاوية يسكنها الأحياء، وكل مكان يبوح بأسراره، فإذا بنا أمام (اعترافات الأماكن) وقد أفشى سرّها "أحمد هاشم" وفق عبث بريء ينقلنا من الفكرة إلى النص، فيغترب في محرابه المعنى، وفق هذه الفسحة تبدو شخصيات الرواية رديفاً للحياة المحشورة بين قطبين مجهولين، لا يعرف الناس فيها ...من أين جاءوا قبل أن يولدوا، ولا إلى أين يذهبوا عندما يموتون. إنها تراجيديا الواقع وميتافيزيقيا الخلود.. الناس فيها شق مهاجر وشق مقيم وقد جسَّد طبيعتها الروائي عبر "سيرغي" الأب (الميت – الحي)، و"تانيا" الأم (الحيّة – الميتة) و"صوفيا" الإبنة الباحثة عن حلقة مفقودة وسط ركام من الحكايات والرسائل والاعترافات. في هذه الرواية سردٌ حقيقي وتجربة بحثٍ مميتة عن البعد المفقود في لغز الوجود وماهية الحقيقة.
قدم للرواية بقراءة نقدية الدكتور خالد سهر وفيها يقول: "من سطوة المكان، وانثيالاتِ اللاوعي المنضبطة على إيقاعاتٍ نابضة في البعدين الزماني والشخصي، وفي جوٍّ مفعم بضبابيات مستعادة من الأدب القوطي مُمتزجة بنوع من الرومانسية التي يمكن وصفها بالقاتمة، وهو مزيجٌ تتقبّله كيمياءُ السرد عبر تاريخَي هذين المذهبين الأدبيين، يضع الروائي والقاص أحمد هاشم روايته هذه على كاهلَيّ شخصيتين رئيسيتين ذكر وأنثى، ذكرٌ شرقي كهل ينوء بآلام شرقه المتعب الآيل إلى الاندثار أو إلى إعادة التدوير، رجلٌ على نحوٍ محتّم – كما يعتقد – بحب امرأة غربية من شرق أوربا، تمتهن – مضطرّةً – أقدم حرفة نسائية في التاريخ، مرغمة على أن تبيع للآخرين جسداً آلياً، ولهذا الرجل تدّخر الحب وصفوَ العاطفة. تبدأ الرواية على نحو دائري بمشهد بالغ الحزن والقتامة يجمع بين الرجل والفتاة لا تتضح معالمه للقارئ إلا بعد الانتهاء من قراءة الرواية، لتكتمل الدائرة الزمنية ويحصل من خلالها القارئ على ما شكّل له ثغراتٍ سرديةً يملؤها كلّما توغّل في النص السردي.
وعلى الرغم من الغرائبية الشديدة التي تكتنف مفاصل الرواية فإن الراوي، ومن ورائه المؤلف، يُمسك بتنبّه المتلقي وشده في ضخِّ ما يجسّد واقعيةً من نوعٍ ما ليست ببعيدة عن هموم القارئ وانشغالاته، عاقداً بين المستوى الواقعي والمستوى الأسطوري صلحاً ليس بالإمكان دائماً عقدُه، في نص يستحقّ القراءة والتأمل".