تعلمتُ ابجدية مأساة الياسمين منذ الصغر
غادرتك فلا تذبلي
نبذة عن الرواية
"أدرك في ليلتي الصّاخبة هذه، بأنّي لم أعد أقبل العيش إلاّ بلغةٍ فقد وبمشاعر رثّةٍ وأفكارٍ محايدة وباستشعار بارد أيضاً، غدوتُ كبلدة فصولها خريف وشتاء. فلماذا هذا التحجّر والغلاظة في الكلام، ولماذا تعاندني الدموع، هل أصبحتُ عالم مآسٍ دون أن أدري؟ ألأنّ قدر الحزانى أن يعتزّوا بصفات مكفهرةٍ كتلك؟. إذاً ...فقد كنتُ مهيّأً منذ بداية ذلك الأحد الذي ولدتُ فيه إلى هذا الأحد الذي أعيش في ليلته هذه قبل حلول صباحه المقيت...". لعل هذا المقتبس من رواية «غادرتكِ فلا تذبلي» للروائي المغربي هشام فريد بما يتخذه من أبعاداً ذهنية متشابكة ومعقدة، يمكّننا من استكناه العلاقات العمودية والأفقية للخطاب الترسلي الذي تدور حوله الحكاية والذي لا يفتأ السارد – عبر جلّ فقرات الرواية وفصولها الستة – للتأشير على سمة النفي الداخلي القسري، التي يخط فجوة عميقة بينه وبين تجليات محيطه الأسري، بما يحملّه له من صدمات أقلها الحرمان والمرض والفقد والرحيل. في تظهير الحكاية، يمارس هشام فريد خبرته السردية، بتحكّم واضح بأدواته؛ فيستخدم تقنية الراوي المشارك ليبدو السارد هو أحد أشخاص القصة، معلناً حضوره المطلق، ومؤكداً أنّه أحد المتورطين فيها، وبالتالي هو ساردٍ من داخل الحكاية وأهم أبطالها، وقريب من أحداثها ووقائعها وشخوصها، الذين سوف يظهر دور كل واحد منهم في سياق الروي. حيث تنكشف أحداث القصة على حياة بطل رواية «غادرتك فلا تذبلي» وهو وحيد نادر على لحظة سردية تراجيدية تتمثل بوفاة والده في لحظات مخاض والدته فيه نتيجة حادث سيارة، فيموت الأب وتدخل الأم في غيبوبة تُبعدها عن العناية بوليدها ما يُناهز ثلاثة أشهر. وتمضي السنين، ولأن والدته مريضة بالقلب، تصارع الموت ولكنه يغلبها لتترك وحيدها وهو ابن السادسة عشرة. وبعد مضيّ سنتين على وفاة الوالدة، ينتقل بعدها للعيش تحت رعاية خالته، لكون جدّه يحتاج العناية لأثر تقدّمه في العمر ولكون حياتهما هما الإثنان فقط كانت صعبة بالنّسبة لهما داخل المنزل، فقد كان جوٌّ من العزاء لم يُردِ الرحيل من المنزل بموت الوالدة. وخلال تلك المدة التي قضاها وحيد داخل بيت الخالة التي لديها من البنات ثلاث أصغرهم ياسمين، تنشأ علاقة لطيفة وبريئة بين ابني الخالتين، وتمرّ السنون حتى يغادر نادر بلده الأم إلى فرنسا. يدرس ويعود ويعيش بشقة خاصة ويعمل ويتعرف على جارة له في الشقة تدعى نجوى ويتصادقان بحكم عملهما بشركة واحدة. وبعد فترة تخطب نجوى صديقه سعد. وفي إضاءة أخرى للأحداث ولحياة البطل يتبين لاحقاً أن وحيداً مصاباً بسرطان الكبد. وأثناء عملية جراحية يتوقف مؤشر القلب لمدة عشرين دقيقة قبل أن تدب فيه الحياة من جديد. وعلى إثر ذلك فيما بعد، سيُخبره الطبيب أن العلاج الكيميائي لم يعد يُجدي نفعاً ويُخبره أيضاً أن هناك مريضاً متوفٍّ في ألمانيا ويُمكن إجراء عملية زرع جزء من الكبد، ولكن وحيد يرفض إدخال أي عضو غريب على جسده، كما أنه يريد أن يواجه نوبات الموت صاحياً ولا يريد أن يموت تحت تأثير مخدر. وعلى أثر معرفته بحالته الصحية يتقدم وحيد باستقالته من العمل منتظراً الموت، إلا أنه يتراجع عن رأيه فيما بعد بسبب حبّه لياسمين، ولكن الطبيب يخبره بأن الوقت قد فات... فيغادر الدنيا وياسمينه معاً وحيداً كما اسمه.. تاركاً رسالة لياسمين تنتهي معها الحكاية: ياسمين لا أجيد الكلام في منطق الحب، وكلماتي لا ترضى أن تلين له، ويديّ كذلك لا تُجيد خطّ الوصايا، لذا فهذه آخر كلماتي لكِ، لربّما هي آخر ما أملك من رصيدٍ لغويٍّ قبل أن ينفد وأنفد: "غادرتكِ فلا تذبلي".عن الطبعة
- نشر سنة 2016
- 300 صفحة
- [ردمك 13] 9786140228702
- الدار العربية للعلوم ناشرون