ثلاث تفاحات سقطت من السماء

نبذة عن الرواية

تجسد هذه الرواية بحكايتها وخطابها الغنى الروحي للشعب الأرمني. من خلال تسليط الكاتبة الضوء على حياة قرية صغيرة ضائعة في قمة جبل "مانيج - كار" وسكانها القليلي العدد. لقد قدمت الكاتبة نارينيه أبغاريان في هذه الرواية والقصص الملحقة بها، الصورة التي انطبعت في قلبها عن رجال ونساء؛ في قلوبهم كنوز روحيّة ...حقيقية تصعب الإحاطة بها؛ وعن صلابتهم وصمودهم في وجه كوارث الطبيعة والحرب والمجاعة. هي أكثر من رواية، هي ملحمة روائية تُجسّد سيرة جماعية عن قيم التضامن والولاء زمن الحرب وزمن السلم، لا يعترف أبطالها بالزمن أو المسافات، فهم يبحثون عن الحياة وسط الضباب، وعن الشمس وسط الصقيع، ويبقى لنارينيه أبغاريان مهمة الكشف عن المخبوء من تلك الذكريات من خلال تحميل النص حكايات يتقاطع المرويّ فيها مع المعيش؛ ومع هوية تلك المنطقة وثقافتها، لتُعبر بصورها عن كل الحبّ والشوق والحنين المُوجع، ليس إلى المدن التي نتركها خلف ظهورنا، ولا إلى الشوارع التي نمشي فيها بعد اليوم، بل إلى أولئك الذين لم يتمكّنوا من انتظارنا حتى نأتي. من أجواء الرواية نقرأ: "حلّ الربيع متأخراً عن موعده المعتاد. ولم تتخلص ماران من عذابات الصقيع والعتمة، وتتنفس بارتياح، إلا في أواسط شهر آذار، حيث علا صرير أبواب البيوت وبوابات حدائقها، وانفتحت النوافذ مفسحة الطريق لدخول نور الشمس. كانت الفرحة بجلاء الشتاء الصقيعي المعتم أخيراً، عظيمة، أنست الناس خطر الموت. لقد اعتاد المارانيون منذ زمن أصوات إطلاق النار، ولذا انهمكوا، غير مهتمين به، في أعمالهم المعيشية التي تبين أنها كثيرة جداً. لم يكن بمقدور أي منهم أن يتخيل أن الرطوبة والصقيع اللذين تسللا إلى الغرف يمكن أن يلحقا بموجوداتها هذا الضرر كله. لقد كان عليها تهوية الغرف جيداً وتجفيفها بعد أن تشبعت بالرطوبة في الشتاء، والتغلب على العفن المنتشر في كل مكان، والمتسلل حتى إلى الصناديق وأدراج الخزانات. وقد اضطرت إلى تنظيف الجدران بمحاليل مستخلصة من منقوع الأعشاب. أما الغسيل فاستغرق منها شهراً طويلاً، إذ كان عليها أن تغسل كل شيء، ابتداء من أغطية السرير والملابس، وانتهاء بالبسط والسجاد. كان العمل كثيراً، لم يتح لها فرصة الذهاب إلى المكتبة، إلا في أواخر نيسان، حيث هدأ القصف نسبياً، واستؤنفت الدروس في المدرسة".