حوار النعم واللا
تأليف
عمر حسين سراج
(تأليف)
ما يزال الأديب السعودي عمر حسين سراج يُدغدغ أفكارنا مع كل جديد روائي يصدر عنه، وهذه المرّة يأتي إلينا بمشروع روائي طموح ذو بعد (نفسي – أيديولوجي) يتسم بنزعة تحليلية لهبة الخالق العظيم داخل كل إنسان منّا؛ ألّا وهو "العقل الباطن" فعمل على مقاربته وفق آلية فنية فاعلة تستطيع معاينة ...الواقع في النص الروائي ويكون لها قدرة الكشف عن طبيعة الشخصية الإنسانية، وهو ما ستعرضه الرواية عبر حوار مخصوص؛ يُطلق عليه الروائي وصفٌ فريد هو: "حوار النعم واللا".
في الرواية تلوح بقوة هيمنة العقل الباطن وقدرته الهادية إلى قرارتنا على اعتبار أنّه يحتوي على كل ذكرياتنا وأفكارنا ومشاعرنا وتصرفاتنا منذ وجودنا في الرحم، أي أن له قدرة استيعاب لا حدود لها. وأن محتويات عقلنا الباطن تلك هي التي تحدد سلوكنا. هذا ما جاء في (حوار النعم واللا) بين شخصيتي الرواية الرئيسيتين "تيم" السعودي و"بيبي" الفرنسية، واللذان جمعهما موقع للعمل في مؤسسة آفاق العالمية للدعاية والإعلان، داخل مدينة (جدة) بالمملكة العربية السعودية، حيث يعملان في حيز (افتراضي) هو عالم الإعلان والتسويق، وليتحول السرد برمته وفي لعبة قصدية من الراوي؛ لاستكناه خطط شركات الإعلان وكشف أسرارها وإيحاءاتها في كيفية اجتذاب المستهلك المتلقي للسلعة؛ وشراؤه لها بطواعية. هذا هو السؤال المحوري الذي أرق بطل الرواية "تيم" وألح عليه ومفاده: "كيف يؤثر الإعلان علينا دون معرفتنا، وهل يتلاعب بسلوكنا لا شعورياً؟! وإذا كان يخترق حواسنا فإلى أين غايته؟ تساؤلات ربما لن يتمكن أحد من الإجابة عليها سوى "بيبي" نفسها؛ هكذا بدأ تيم يُفسر تأثير قوة الإعلان على العقل الباطن قبل أن يبدأ تجربته المهنية.
عبر هذه التساؤلات تظهر إرهاصات العلاقة الوطيدة بين العنوان والمكونات الحكائية بما فيها الشخصيات والوقائع والأحداث والموجهات الفكرية والأيديولوجية الفاعلة في الهم الروائي المعاصر والكامنة في وراء إنتاج نص روائي حديث يواكب التسارع المتلاحق في عالم العمل (المعولم) ويقول لنا إن الرواية هي بنت عصرها، لا يُمكن لها أن تغرد خارج السرب، من هنا انفتح السرد على جملة من القضايا والمسائل الملازمة لحياة الإنسان في الحياة الأسرية والمهنية والتعليمية ليتلون "حوار النعم واللا" بألوان العصر الراهن وقيمه الفكرية والإنسانية في مسائل أخرى مثل العلاقة بين (الرجل والمرأة) وفي الاختلاف والائتلاف بين ثقافة (شرق/غرب)، وغير ذلك من صيغ التصالح مع (الآخر) المختلف في اللون والدين والجنسية، والغاية النهائية هي العيش بسعادة في حياة ملؤها السعادة والفرح…