الأوليمبوس
تأليف
بهاء الغرايبة
(تأليف)
تتجاوز رواية «الأوليمبوس» للروائي الأردني الدكتور "بهاء الغرايبة" عالم الرواية باعتبارها - جنساً أدبياً محدداً - لتحتضن أجناساً وفنوناً تعبيرية تمتد إلى مجالات أخرى، سوف تدور في فلك المسرح كشكل درامي آخر يكون للشخصيات حضوراً بارزاً فيه، بالإضافة إلى العديد من المؤشرات الخطابية التي توحي بتعدد الأنساق التعبيرية المحايثة، والموزعة ...في الفضاء النصي، والمتراوحة بين فن كتابة السيرة، والرسائل (الإلكترونية)، والحوار والبوح أو الاعتراف.
والرواية في جوهرها تدور في فلك سؤال الكتابة. يُمكن النظر إليها باعتبارها نموذجاً لرواية الأسئلة، بما تتوفر عليه من إمكانات أسلوبية ثرة وبما توليه من أهمية إلى تضمين مواقف الروائي الخاصة من قضايا الكتابة والقراءة. "ترى من هو الأهم، الكاتب أم أبطاله الذين يُبدعهم خياله؟"، هكذا بدأ بطل الرواية الذي درس الهندسة وعشق الكتابة يحاور قلمه، باحثاً عن شيء، يخطه فوق الدفتر الذي يأمل أن يتحول.. إلى شيء يُقرأ. فتح صفحته على الفيسبوك، ليجد العديد من الإعجابات والتعليقات على ما يكتب.. وهكذا جعل من رسائل معجبيه وأسماء أصدقائه أولى درجات انطلاقه في فن الكتابة المسرحية. فرسم عالماً متخيلاً أبطاله "جميل"، "راجح"، "عاصم"، "غادة"، "حلا" وجعل لكل شخصية حكاية خاصة وأدواراً تتقاطع أو تفترق مع الشخصيات الأخرى ووضع عنواناً للمسرحية "هُبل" ووزعها على عدد من الفصول والمشاهد؛ وجُلّها تعرض لائحة من الإدانة للواقع الاجتماعي الفاسد ضمن رؤية يفترض كونها متقدمة على عصرها، وممتزجة بأنفاس الحاضر وقضاياه المُلحة. انسلت في النص عبر لعبة إخراجية تمثلت بإظهار أدوات المسرح من أضواء وصور وديكور وأصوات وموسيقا تصويرية وتقنيات أخرى تساعد في فهم الحدث. فالراوي وهو يكتب هنا يمارس، بحق دور المخرج في العمل المسرحي الذي يقوم بعملية وضع مشاهد ملائمة لظهور الشخصيات وأدوارها وأقوالها حيث يساعد حضور كل هذه التقنيات وعملية توظيفها في خدمة الفكرة العامة للمسرحية، ألا وهي "كيف يستطيع الكاتب الكتابة؟ ولم عليه أن يكتب؟".
من أجواء "الأوليمبوس" نقرأ:
"في النهاية، دعوتهم جميعاً: نسيم، وعاصم، وراجح، وجميل، وغادة، وحلا، اجتمعنا في مقرنا الدائم في الجامعة، صارحتهم بأنني كتبت قصصهم التي حدثوني بها، استأذنتهم كي يسمحوا لي بنشرها، أنكروا هذه القصص؛ بل وتحدوني لفتح الرسائل واطلاعهم عليها، وحين فتحتها لم أجد شيئاً!!
لا يعرف إن كان يحلم أو أنها الحقيقة، حاول إعانتهم بكتابتهم في مسرحية يتاح لهم تكرارها متى أحبوا.. بيد أن الحياة ليست مسرحية سيعاد عرضها المرة تلو الأخرى.
الصوت الذي ما انفك يقرع داخل جمجمته، يهاجمه دون رحمة، أمره بالتوقف هنا، وها هي يداه تتآمران معه، تعدانه بالاكتفاء بهذا القدر، نعم هي النهاية، كتب مسرحية أبطالها نحن، عرضها على صاحب المكتبة الذي لم يؤيد هذه الفكرة، فالمسرح في الأردن في نزعه الأخير، غير أنه مسرور بهذا العمل الذي ربما يُعرض بعد أن يموت! ذهب إلى دار نشر وأخرى، جميعهم رفضوا نشرها، لم يكترث كثيراً، فجميع العمالقة عانوا في بداياتهم.
إن كنت تقرأ الآن هذه الحروف يكون عندها قد نجح...".