هزائم الشجعان
تأليف
بيسان عناب
(تأليف)
عندما كتبت بيسان عناب «هزائم الشجعان» جعلت النص الأدبي مجالاً لتحليل فكرة المقاومة من داخل القضبان، فعبر توظيفها لعناصر حدثية ومواقف مستلة من قصة أحد الأسرى الفلسطينين القابعين حتى هذه اللحظة خلف قضبان الاحتلال الغاشم.. تكون الروائية قد وقفت على سيرة سجين استثنائي، تجلت فيه القدرة على التحدي للسجان/المحتل.. والتواصل ...مع الحياة، والشعور بالحرية..
وبكلام آخر هي رواية عن ولادة ناصيف الصغير من ناصيف الكبير الذي سيبقى في الزمن والذاكرة الفلسطينية رمزاً لا ينسى...
اسمي ناصيف، رجل الأيام الصعبة، نصف مناضل بنصف وطن ونصف فلب ونصف عائلة.. أملك من كل شيء نصفه أو أقل بكثير.. ترى من اختار لي هذه القسمة الضيزى؟ لربما هو القدر، وربما هي تلك الكاتبة اللئيمة التي تتقاذف قدري وتحيكه أناملها على لوحة المفاتيح السوداء فتحيله كلمات تنثر سوادها على بياض رقعة الشاشة الصغيرة ليخلد أيامي ونتشاطرها معاً.. لعله اسم يليق بي أكثر، شكراً بيسان..".
هذا ما قاله المناضل الفلسطيني ناصيف منير ماضي بطل قصتنا الحقيقية قصة "هزائم الشجعان"؛ فماذا قالت الروائية بيسان عناب عن تجربتها الروائية الفريدة هذه: "... ما جرى هنا بين الصفحات كان بهيمنة من يد القدر وحظ عظيم، حدث أن اصطدمت عيناي الشاردتان بتينك العينين الخضراوين الصغيرتين المغمستين بالعسل.. عندها تهت، ولم أكن قد تهت منذ زمن طويل جداً.
في ذلك اليوم التقيت صدفة بناصيف الصغير الذي لم يتجاوز الأعوام العشرة بعد، قرأت في عينيه نص الرسالة السماوية ممهوراً بختم المعاناة والأمل، وأدركت آنذاك ما توجب عليّ فعله بالتحديد. وعليه قررت أن أتقمّص دور جنية صغيرة، وضربت بعصاي السحرية كل الدروب الموصلة إلى "ناصيف الكبير" بطل قصتنا.
وبفضل من الله وجهدٍ حثيث وصلت، وعرضت على صديقي الذي يمضي اليوم عامه الخامس عشر خلف قضبان الاحتلال ما كان مجرد فكرة هائمة في الفضاء. وبقبوله ورضاه الكامل وترحيبه بدأنا...
من جانبي، كنت أجمع الأسئلة التي أرسم من خلالها نصي، وأنتظر بفارغ الصبر اتصالاً دولياً مفيداً وحراً، عابراً للمكان والزمان ومحفوفاُ بالمخاطرة والتحدي، لأطرح سيل أسئلتي الأساسية فيجيبني هو بكلمات مقتضبة تتناغم مع وقته وقدرته على اختطاف الدقائق في كل مكالمة يتمكن من إجرائها؛ وأمضي أنا بقية أيامي أصيغ من كل حرف من حروفه قصة وأحداثاً تسرد حكايتنا. بانتظار اغتيال دقائق أخرى لأكمل فيها نص الرواية.
تسللت الكلمات بخفة من بين شفتي المعتقل ناصيف ليروي لنا بداية قصة الصبي المعنف في أسرته المفكّكة ومن ثم مشروع المناضل الذي حاول تفجير نفسه في عملية استشهادية داخل الأراضي المحتلة. بعدها يجد نفسه وحيداً غُلقت على روحه الأقفال وأحاطت بجسده القضبان ليقضي حكماً بالسجن عشرين عاماً.
لقد حاولت جاهدة أن أنقل إليكم وبكل أمانة صوراً حيةً من يوميات "المناضل الإنسان". كيف عاش وكبر وماذا شعر وقاسى، ولماذا سلك هذا الصراط، ثم كيف تعلّم حب الوطن وماذا كان الثمن؟...".