ندما أخرج من هذا المكان أخرج حراً طليقاً، لا أخرج مقيداً لإرادتكم أو لإرادة أخرى، فلا بأس عليَّ لو بقيت هنا سنين عدداً على أن أخرج حراً طليقاً دون قيد أو شرط، فهذا هو قراري وأنا أتحمل كل تبعاته ب162 صفحة اراد المعتقل السوداني : سامي الحاج معتقل سابق في غوانتنامو وصحفي في قناة الجزيرة يروي قصة اعتقاله على الحدود الافغانية الباكستانيه وحتى ترحيله الى سجن غوانتنامو مدة سبع سنوات ظلماً
في "غوانتنامو قصتي" لا يقتصر سامي الحاج السجين رقم (345) في معتقل غوانتانامو على روي قصَّته فقط، بل وقصة أكثر من ثمانمائة معتقل، كل واحد منهم عاش قضية غوانتانامو من زاوية، ولكل منهم قصة مختلفة، تُجَسِّد ما عاشه من آلام وأحزان، من ظلم وقهر وذل واضطهاد. ولكن يبقى الأمل بالله فوق كل شيء .. لا تحده حدود السجن ولا السجان. - يُعد الكتاب توثيقاً لذاكرة السجن بالنسبة للمؤلف وتشخيصاً للعزلة عن المشترك الإنساني، واللحظات الدقيقة العابرة التي صادرها الزمن، على يد السجان ما بين القضبان. وقد استطاع سامي الحاج تصويرها بإيقاع مختلف، كنتاج لعمليات ينجزها آخر عنيف، بما تحمله من تعذيب، ومصادرة للحرية، وللكرامة الإنسانية، ومنع من الاحتياجات الطبيعية، وفقدان للاتصال بالوطن والأهل والأصدقاء... وبالتالي هي معاناة أضحت مولّدة لـ (معجم ألمي) خاص بالمُعتقل الشاب على المستوى الذاتي والرُّوحي الذي يضحى بالنسبة للكائن المعتقل هي العالم الوحيد والمتاح. - عن تجربة الاعتقال يقول سامي الحاج: "... نعم، غوانتانامو قصَّتي وقصة أكثر من ثمانمائة سجين. كل واحد منهم عاش التجربة على نحوٍ ما، دونما ريب، متشابه.. دونما ريب، مختلف! غير أن العطفة الحادة التي ملأتني مع الألم إيماناً وقوة عقليةً ونفسيةً أوضحت، بل أكدت لي، أن في دواخل كلِّ منَّا قوى هائلة تظل كامنة حتى نقدح فيها شرارة الصمود لكي تندلع ثم تشتعل ويشتد أوارها فَيَلْتَهم كل المثبطات ويقضي على كل ريح مناوئة. وقد قدحتُ هذه الشرارة يوم بدأت رحلتي إلى عالم الجوع البدني والامتلاء الرُّوحي؛ وإنه لحق أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان. فكَّرت مليّاً من قبل أن أضع إرادتي على حدِّ الرهان بالدخول في إضراب طويل وتام عن الطعام. ثم إنني قررت وأعلنت القرار... لم أكن على علم بأنني لم أكن وحدي فالجزيرة كانت تستصحب اسمي ومحنتي على نحوٍ يومي، بل بثَّت ونشرت شعارها الذي ملأ الدنيا: "أطلقوا سراح سامي الحاج"... حقاً إنني ممتنٌّ وفخور بهذه المؤسسة التي تعاملت معي طوال محنتي كابنها ليس على سبيل المجاز وإنما بالفعل؛ فهي التي لفتت أنظار العالم إلى عدالة قضيتي بل إنها جعلت من تغطيتها الإعلامية وسيلة ضغط هائلة حرَّكت المؤسسات والمنظمات المعنية بقضايا حقوق الإنسان لكي تنشط وتعمل في أركان الدنيا الأربعة... لكم أشعر بأني مدين لكل أولئك الذين عملوا من أجلي وآمنوا بعدالة قضيتي...". قالوا عن هذا الكتاب: "العثور على معتقل صحفي لامع وشجاع داخل غوانتنامو، مثّل لي كل ما كنتُ أطمح إليه. من داخل المعتقل الرهيب كشف لي سامي حقائق وجوانب مظلمة حرص الجيش الأمريكي على إخفائها، ساهم سامي أكثر من أي معتقل آخر خلال الخمسة عشر عاماً الماضية في فضح حقيقة ذلك المكان المخيف، والآن وبعد طول انتظار، ها قد رُويت القصة كاملة". – كلايف ستافورد سميث. محام وناشط حقوقي
سألته: "أتذكر مارتن؟"، قال: "نعم، مارتن الضابط الذي قابلك، الضابط البريطاني من الاستخبارات الذي قابلك"، فضحكت. قلت له: "لا، أنا لا أتكلم عن المحققين أو الفريق الذي قابلني من البريطانيين، ولكن أتكلم عن مارتن لوثر كينغ، كيف قتلتموه وكان يحمل أفكاراً ديمقراطية ويدعو إلى العدالة والمساواة، وأنتم تؤمنون بالأفكار نفسها وتدعون إلى المبادئ نفسها. لم يكن يسير وفق نسقكم السياسي فقمتم بتصفيته وقتله. مثل هذه الأعمال لا أشارك فيها ولا أريد أن أكون طرفاً فيها
قال: "نحن لم نقتل مارتن، وهنالك روايات كثيرة، وقد قبض على القاتل وحوكم وأودع في السجن، و"سي.آي.إيه" هي التي قبضت عليه. هذه هي الأدوار التي تقوم بها الاستخبارات، السعي للقبض على القتلة والأشرار. مهمتنا لها وجهان، الوجه الأول هو محاولة تعطيل أي عمل شرير قبل أن يحدث، والوجه الثاني متابعة وملاحقة الأشرار الذين يرتكبون الجرائم ويقومون بأعمال تخريبية. وقضية مارتن لوثر كينغ قضية جريمة ارتكبها أحد العنصريين وقبضت عليه الاستخبارات، فهذه قضية تحسب لنا ولا تحسب علينا".
قلت له: "على العموم أنا في قرارة نفسي لا أريد العمل معكم، وسأتحدث معك كصديق لا كمحقق أو باحث عن عمل، ألا يمكننا أن نتحدث كأصدقاء؟"؟ قال: "بلى"! قلت له: "أنت الآن صديقي وأريد أن أستشيرك، إذا كان لديك أسرة، زوجة وابن وتكن لهما المحبة والود، وكلفت بعمل مثل هذا أو طلب منك أن تعمل في هذا المجال، وهو بلا شك يعرض الأشخاص الذين تحبهم للخطر ويعرضك أنت للخطر، وأنت لم تعمل فيه أصلاً فهل توافق على هذا العرض؟ أريد ردك بصراحة من منطلق الصداقة لا العمل". فقال: "حقيقة سأرفض".
قلت له: "أشكرك على هذا الصدق وأشكرك لأنك أجبتني بصدق. الآن سأضع نفسي مكانك وأقول لك إنه ليس لدي غير الرفض ولا أملك أي شيء آخر". فقال لي: "جيد". وهزَّ رأسه ثم أردف: "دعنا ننظر للأمر من منطلق آخر، أنت الآن هنا في غوانتانامو، في هذا السجن، وأنت إنسان بريء ولم ترتكب خطأ، لكن الإدارة الأمريكية تنظر إلى الذين في غوانتانامو على أنهم أشرار وخبثاء، وليست أمامك فرصة للخروج في الوقت القريب إلا إذا وافقت على العمل معنا. حينها ستكون أمامك فرصة حقيقية للخروج قريباً وفي أسابيع بل أيام وتعود إلى أسرتك، فلمَ لا توافق وتخرج، وعندما تخرج تقول إنك غيرت رأيك ولا تريد العمل معنا أو إنك ترغب في تغيير طبيعة عملك، لمَ لا تفعل ذلك؟ف".|
Edit Review