التدفق الهادئ لنهر أونا - فاروق شهيتش
تحميل الكتاب
شارك Facebook Twitter Link

التدفق الهادئ لنهر أونا

تأليف (تأليف)

نبذة عن الرواية

يوثّقُ الكاتب البوسني فاروق شهيتش في روايته «التدفق الهادئ لنهر أونا» الحرب الأهلية في البوسنة في عقد التسعينات من القرن الماضي وما رافقها من انتهاكات بحق البوسنيين. من أولى سطور الكتاب، يقول الكاتب إنّه «لا مجال هنا للإنسانية وللنهضة، هذا ما اعتقدناه حينه». كان لانهيار جدار برلين عام 1989، تداعياته على ...مناطق واسعة من القارة الأوروبية، من ضمنها يوغسلافيا السابقة ذات النظام الفيدرالي الذي وضع أسسه جوزيف بروز تيتو. وكان الصرب قد بدأوا بالحرب ضد البوسنيين من أجل استعادة سيطرتهم على البلاد، ومن هنا بدأ نهر من الدماء بالجريان في البلقان، في ظل لامبالاة واضحة للعيان، فكان صوت الجنازير لدبابات تي - 55 الروسية الصنع، يغطَّي على الأعمال الوحشية التي أصابت سكان البوسنة، تلك المشاهد جعلت الإنسان البوسني الأعزل يتجمد من الخوف على بعد كيلومترات من المكان، حيث «الحيوانات في البوسنة هي الوحيدة التي تخاف الموت كما يخافوه البشر، لأن الطيور التي تطير مبتعدة إلى أماكن آمنة وهادئة أكثر بعيداً عن أماكن القتال، وكانت الكلاب تبكي مثل الأطفال، قبل انطلاق المدفعيات لأنها تستشعر الصمت القاتل الذي يسيطر على المنطقة قبيل انطلاقها». ينطلق الروائي من مقولة لجيفري هارتمان: «العقل ينسى، ولكن الآثار الجسدية تحتفظ بالنتيجة، فالجسد النازف متحف التاريخ». إن قراءة التاريخ تختلف من أن تكون شاهداً على مجرياته، هذا ما حصل مع كاتب رواية «التدفق الهادئ لنهر أونا»، الذي يؤكد فيها أَنَّ الصراع الدامي في البوسنة كان من أجل البقاء بالنسبة للبوسنيين، وهو يبرر كل أنواع الهجمات التي قام بها البوسنيون لأنهم «مهددون بوجودهم، وأعراضهم. وحده الصراع من أجل البقاء على قيد الحياة قد يبرر كل أنواع الهجمات، وتحديداً حين تكون محتجزاً مطوقاً من قبل ثلاثة جيوش من الأعداء يقاتلون ضدك: الصرب البوسنيون، الصرب من منطقة نين في كرواتيا، والاستقلاليون من منطقة أبديك». وفي مكان آخر، يقول الكاتب إنه سمع للمرة الأولى تسمية «جرائم حرب على قناة الـ(سي إن إن) الأميركية بخصوص مخيمي أومارسكا وكيراتيرم، وبعدها في القصص التي كانت تنتقل عبر الهمس في الأرجاء بعد سقوط سبرنيشا تلك البلدة الواقعة شرقي البوسنة التي قُتِلَ فيها 8372 شخصا خلال ثلاثة أيام فقط من شهر يونيو (حزيران) في عام 1995 في واحدة من أبشع جرائم الإبادة الجماعية في تاريخ أوروبا الحديث». من هنا يستعيد شهيتش صور المجازر التي تعرض لها شعب البوسنة، كما يَرِدُ في المقدمة: «ذكرياتي قبيحة وتفوح منها رائحة نتنة. أشعر بالقرف عندما يتعيّن علي التحدث ووصف الوضع في يوغسلافيا في بداية الحرب. إنّ تلك الذكريات قبيحة لدرجة أنها توقف نفسها بنفسها، كل شيء أتذكره يجعلني غير قادر على متابعة القصة». ويتذكر المؤلف مواكب الجنازات اللامنتهية وأبواق طبول الفرقة النحاسية تعزف ألحان الحداد، يرى التابوت المفتوح وبه جثة خالته الكبرى متحزّمة بثوب أبيض تُنزّل في القبر في هضبة هام هيل الموحشة. أمّا حرق المنازل من قبل المتحاربين فقد كان شبه عادة يومية، فقد كانت الولاّعة الطريقة الأسهل والأسرع في إنهاء مئات المنازل من خلال إشعال قطعة من الورق، تسقط القطعة بحركة بطيئة على السجادة المبللة بالنفط، التي بدورها ستجرف المنزل إلى السماء. لم يتنصل الكاتب من ماضيه في حرب البوسنة، فهو يقول: «لقد قتلت ثلاثة رجال بالإضافة إلى أحد الانفصاليين من جمهورية البوسنة الغربية. أنا شاعر ومحارب، وفي السرِّ ناسكٌ صوفي وشخص مقدس على حد قول بودلير. قتلت على أرض المعركة الأشخاص ذوي الأسماء المنسيّة، وفي جميع المناخات: عندما يتساقط الثلج يكون الدم أحمر كما في فيلم زيغاريو. لم أشعر بالندم لمقتل أولئك الأشخاص بعد فترة سيغادرون ذاكرتي إلى الظلام». رواية شهيتش وثيقة كتابية فنيّة بقالب روائي سهل ومؤثر، يدوّن فيه مشاهداته الحيّة لِمَا ارتكِبَ بحق شعب أعزل، يوثق جميع الحالات للأحياء والأموات، الذين عاشوا تلك الأجواء الحزينة بمخاوفهم وآمالهم، فالتعذيب لم يقتصر على البوسنيين وحدهم حيث طال الأسرى الصرب أيضا: «عرفت رجلاً كبيراً في السن كان يرى ابنه الميت في وجوه كل سجين لذا كان يضربهم، كان يذبل أكثر فأكثر مع كل ضربة، يتلاشى مسرعاً للقاء بابنه». ولكن يبدو الكاتب متفائلاً بِأَنَّ ما جرى من قتل وتدمير واغتصاب باسم الدين والقومية: «ستغسل الأمطار القيء بعيداً... عندما تكون الأحلام والفنون أقوى من أعتى أنواع الأسلحة عندها سوف تنتصر البشرية على الشر وتنعم بالسلام». - جريدة الشرق الأوسط وقد قيل عن هذا الكتاب: "‏رواية بوسنية للروائي فاروق شهيتش يرصد فيها الحرب في يوغوسلافيا، في التسعينيات من القرن الماضي، التي تمخّض عنها تفكيك الدولة اليوغوسلافية إلى خمس دول على أساس عرقي، ولم تفلح اتفاقيات السلام المعقودة بينها في تصفية ذيول الحرب والخروج من متاهتها، على المستوى العام. فهل تنجح الرواية في ذلك، على المستوى الخاص؟ في روايته، يقول شهيتش على لسان الراوي: "هنالك طريق واحد إلى خارج هذه المتاهة: عبر الذاكرة والحديث" (ص 168). لذلك، يعهد بالراوي إلى درويش يُخضعه لجلسة تنويم مغناطيسي، ساعات عدّة، تجري فيها الذاكرة على رسلها، ودون تخطيطٍ مُسْبَق، في استعادة الأحداث الماضية التي يعيشها الراوي ووصف أماكن حصولها. وبذلك، تُشكّل جلسة التنويم المغناطيسي إطاراً للتذكّر، من جهة، ومحاولة لعلاج الراوي المصاب بانفصام الشخصية، من جهة ثانية. غير أنّ الأحداث المستعادة لا تغطي سوى جزءٍ يسيرٍ من النص بينما تطغى عليه المشاهد والانطباعات والتأمّلات المتعلّقة بالمكان، ما يطرح مدى ملاءمة الإطار للمحتوى، ذلك لأنّ جلسة التنويم المغناطيسي قد تصلح إطاراً لاستعادة الذكريات، لكنّها بالتأكيد لا تصلح لوصف المكان وتحوّلاته. بالدخول إلى الرواية من عنوانها، نشير إلى وجود تَصادٍ بين العنوان والمتن، على المستويين الدلالي والرمزي؛ فعلى المستوى الأوّل، تتكرّر كلمة "نهر" في سياقات مختلفة، تكتسب في كلٍّ منها مدلولاً معيّناً، فنهر أونا هو ملجأ الراوي/ البطل من الذكريات السيّئة (ص 12)، وهو حصنه النباتي المنيع (ص 36)، وهو النهر الذي أسماه الجنود الرومانيون أونا اندهاشاً بمائه المجهول (ص 58)، وهو مرايا الجنة التي تضاعف جمال الدنيا (ص 103)، وهو الحوض الذي يفصل عن العدو (ص 118)، وهو ذاك السائل الذي يتدفّق في اللانهاية (ص 148)، وهو الذي سيستمرّ في الجريان بعد انتهاء القصص (ص 192). وهكذا، تجتمع في النهر مدلولات اللجوء والمناعة والدهشة والجمال والديمومة. وعلى المستوى الرمزي، تنتمي كلمة "نهر" في العنوان إلى متعلّقات المكان، ويطغى وصف المكان بتمظهراته الكثيرة في المتن على السرد، ما يجعل النص مكانيّاً بامتياز. وبذلك، يتصادى العنوان والمتن، ويشكّل الأوّل خير عتبةٍ للثاني. INDEPENENT_ العربيةوحده الصراع من أجل البقاء على قيد الحياة قد يبرر كل أنواع الهجمات، وتحديداً حين ‏تكون محتجزاً مطوقاً من قبل ثلاثة جيوش من الأعداء يقاتلون ضدك: الصرب البوسنيون، ‏الصرب من منطقة نين في كرواتيا، والاستقلاليون من أبديك. لا مجال هنا للإنسانية ‏وللنهضة، هذا ما اعتقدناه حينها، لا أذكر أن أحداً ما قد استخدم تسمية "جرائم حرب" ‏والتي سمعتها للمرة الأولى على قناة "سي أن أن" بخصوص مخيمي اعتقال أومارسكا ‏وكيراتيرم، وبعدها في القصص التي كانت تنتقل عبر الهمس في الأرجاء بعد سقوط ‏سربرنيشا. لم يخبرنا قسم المعلومات والمعنويات في الجيش الحقيقة الكاملة حول ‏سربرنيشا. قام الأخلاقيون كالعادة بقراءة آخر الأخبار الخاضعة للرقابة من مناطق القتال ‏في بوسنة الشرقية. تضمنت التقارير بعض أرقام القتلى، ولكنها لم تكن قريبة حتى من ‏الأرقام الحقيقة التي بلغت ثمانية آلاف رجل قُتلوا بعد أن أُسروا. وضحت بالتفصيل عدد ‏دبابات العدو وغيرها من المركبات، أسلحة المشاة الخفيفة وكمية الذخيرة التي تم ‏الاستحواذ عليها حين فر مقاتلونا من المناطق المطوقة في سربرنيشا وزيبا واتجهوا نحو ‏المنطقة غير المأهولة قرب توزلا، كان يفترض بذلك أن يكون مواسياً. تم تقديم سقوط ‏سربرنيشا على أنه هزيمة عسكرية قاسية، وليس على أنه جريمة حرب، مع أنه يمكنك ‏أن تشعر بالمرارة في الكلمات وبين الأسطر.‏ ‎‎ في مكان ما في الغرب، وُلِد هذا الكتاب لم يكن بحاجة إلى أن يكون وثيقةً كتابية فنيّة، ‏رواية ذات حقائق دامغة - في وسعه أن يكون قراءة خفيفة حول مصاصي الدماء، لأن ‏الأمور في عالمهم تدوم طويلاً، والعوامل الخاصة والعامة ليست عرضة لدمار دوري كما ‏هي عليه في عالم الحرب. لذلك كان لا بدّ من تدوّين حياة كل أولئك الناس الذين عاشوا ‏تلك الأجواء الحزينة بمخاوفهم وآمالهم وتحررهم بقلم شاهد عيان من قدامى المحاربين في ‏الحرب البوسنية إنه الكاتب "فاروق شهيتش" الذي شهد تدمير بلاده في تسعينيات القرن ‏العشرين فكتبها رواية حيّة ومتدفقة تماماً كما هو نهر أونا الذي ما يزال يستمر في ‏التدفق.‏
عن الطبعة

تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد

تحميل الكتاب
2 2 تقييم
19 مشاركة
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم

  • مراجعات رواية التدفق الهادئ لنهر أونا

    2