الموت عمل سهل
تأليف
مراد منتيش
(تأليف)
عن الدار العربية للعلوم ناشرون في بيروت صدرت الطبعة العربية من الرواية التركية «RUHI MÜCERRET - الموت عمل سهل» من تأليف الكاتب التركي مراد منتيش وترجمة مهتاب محمد.
في البداية يجدر التنويه بأن "الأمور ليست فقط ما تبدو عليه"؛ فكل ما ستقرأه في الصفحات الأولى من هذه الرواية، سيحمل دلالات مغايرة ...ومفاجآت في القسم الثاني، لذا انتبه لما تقرأه عزيزي القارئ. لا تمرّ خلال الرواية كلمة أو موقف بشكل عبثي.. إنها أحجية عليك أن تتحلى بالصبر في فكّ رموزها لتحظى في النهاية بلوحة بالغة الغرابة، وأن تتذكر كل كلمة تقرأها، لتتموضع الأحجار في أماكنها مع حلول الخاتمة..
رواية "الموت عمل سهل" "غرائبية حداثوية" قد تفتح في ذهنك نافذة نحو عالم آخر وتجعلك تسأل بعمق: هل نحن مخيّرون أم مسيّرون؟ ليس بالمفهوم الديني، وإنما في ظل الثقافة الرأسمالية التي تحيل كل القيم إلى مفهوم العرض والطلب - البيع والشراء، وتسيطر علينا في نوع من العبودية خفية.. أحداث الرواية وحبكاتها المفصلية، والأفكار التي يطرحها "مراد منتيش" الذي غدت جمله اقتباسات متداولة، وغزارة ثقافته من خلال ما يقدمه من معلومات، تشكل متعة وتحدياً فكرياً للقرّاء من مختلف التوجهات.
ينتظم أحداث الرواية رجلان من عالمين متوازيين؛ الأول "روحي مجرد" وهو آخر محاربي الاستقلال ورمز وطني، ومئوي ينتظر موته المتأخر، والثاني "جيفان كازانوفا" الشاب الذي عاد للتو من موت وشيك.. تتقاطع حياتهما، كنهرين عملاقين تتقاطع روافدهما ويصبان في البحر ذاته. يقعان في فخ تجربة علمية قد تبدو للوهلة الأولى جنونية، يقودها "معصوم جيجي" الذي تتوارى خلف أناقته المفرطة فلسفة ساخطة.. إنها صرخة تحذير إزاء ما قد نصبح عليه في مستقبل ليس ببعيد؛ مجرد دمى بيد الشركات الرأسمالية التي تجردنا من مَلَكة حرية الاختيار، والعبث حتى بأعمق أجزاء روحنا، لتدفعنا نحو التساؤل: إلى أي حد نحن مزيفون؟
ورغم هشاشة الحياة، تحاول الشخصيتان كل منهما في حكمتها الخفية، قطع خيوط الدمية التي تجبرها على ما لا تريد، وتقوّلها ما لا تفكر فيه.. ليقرر بطل الرواية أنّ المغزى من كل هذا الصراع؛ هو جملة سيخطّها على شاهدة قبره "إنّ الحياة امتياز".
«الموت عمل سهل» ليست رواية عادية، ففي حقيقتها الصادمة قد تكون قصة كل واحد منا. وما إن نتوغل في أحداثها، حتى تستحوذ على كامل تفكيرنا، وتخالف كل توقعاتنا.. تغنيها قصص الحب، الإثارة والصداقات الغريبة، إضافة إلى حوار متقن، بحيث تشكل كل كلمة منه، مفتاحاً للأحداث المفعمة بالألغاز.. إلى جانب أنها لا تخلو من فكاهة وروح دعابة..
ينتمي العمل إلى جيل جديد قادر على احتواء أساسيات الرواية وقولبتها بمعاصرة تزيدها من الغنى دون أن تخلّ ببنيانها، وتحويل إحدى إشكاليات العصر إلى قصة جذابة ومؤثرة من خلال رحلة ممتعة من الإثارة في عالم زاخر بالعبر..