حياة بعد الموت
تأليف
رولا صبيح
(تأليف)
«حياة بعد الموت» هي نفسها «حياة بعد اللجوء» بالنسبة للإنسان السوري كما تبدو في سرديات الثورة في المشهد الروائي العربي بعيداً عن الأحكام السيالة أو الاتفاق أو الاختلاف حولها. وإذ تحاول الكاتبة المبدعة رولا صبيح تقديم نقدٍ خاصٍّ لما حَصل في إطار رؤية واقعية حول مشروعيتها وقيمتها وجدواها، تقوم بنفس ...الوقت بكشف الخلل الذي طاول النخب السياسية، والتي كان يُعتقد أنها أكثر وعياً بمخاطر مرحلة انتقالية يجب أن تتم حولها درجة من التوافق بين النظام والمعارضة، تُجنّب البلاد والعباد شرّ التنظيمات المسلحة في الداخل وقسوة التشرد واللجوء إلى بلاد العم سام في الخارج..
تُروى الحكاية عبر سيدة عاشت الاغتراب ما يقارب خمسة وأربعين عاماً في أميركا وحنين دائم إلى الوطن تعيشه يخفف قسوته ذكريات بلدها "حلب" التي فارقتها في سن مبكرة.. اسمها "حياة" وتعثرت في مواجهة الحياة.. توفى والدها وهي طفلة تحبو وتزوجت أمها من رجل آخر، لتعيش هي في بيت جدها تحت سطوة عمتها التي زوَّجتها في سن السادسة عشرة من طبيب سوري يعيش في أميركا.. لقد كانت "حياة" في مسيرة دائمة للبحث عن ذاتها.. عملت كمترجمة لمساجين عرب، ودرَّست اللغة العربية في الجامعة، وأنجبت ثلاثة أولاد، ولكنها لم تستطع الخروج عن قوقعة ذاتها.. حتى أنها كانت عاجزة عن فهم ما يدور حولها.. ولكن عندما حدثت الثورة في سورية وأصبح اللاجئون في الديار الأميركية أخذت حياتها منعطفاً آخر قررت إعداد بحثٍ يحكي قصص هؤلاء اللاجئين السوريين في أميركا تساعدها صديقتها جمانة التي كان لها باع طويل في مساعدة اللاجئين منذ اندلاع الأحداث الدامية.. لذلك طلبت منها لقاء تلك العائلات اللاجئة وشرحت لها الفكرة من مشروعها الجديد.. ومع كل لقاء لعائلة سورية أو فرد مهاجر نكتشف إنساناً سورياً جديداً لا يشبه ذاك الذي كان في وطنه قبل الثورة. حتى أن "حياة" أصابها الداء وأصبحت تشعر أنها هي اللاجئة التي تبحث عن الحقيقة. والحقيقة أن قسماً من الذين قابلَتهم، ومن حَكَمَتْ عليهم الظروف بالخروج من أوطانهم قد انصهروا في أوطانهم الجديدة، وأقفلوا ملفات أحزانهم وبدأو من جديد.. وآخرون حملوا جزءاً من الحقيقة، ولكن الصورة لم تكتمل بعد، لذلك كان على "حياة" أن تجمع البقية الباقية من قصصها لتكتمل الصورة من دون تشويه لمعالمها الحقيقية. فقررت العودة إلى الوطن الأم "سورية" بعد أن أوصت زوجها بوصيّة! "أوصيك أن تقرأ عندما أموت كل ما كتبت... فلعلك تفهمني وتسامحني".