سنابك
تأليف
يونس الشرقي
(تأليف)
الصراع بين المذاهب هو المجال الذي تدور حوله رواية «سَنَابِك» للكاتب المغربي يونس الشرقي، فمنذ أولى عتبات الرواية يستدرج الكاتب قارئه إلى متاهة ما بعدها متاهة: "هنا.. بعد هذه الصفحة، ستلج إلى عالم من رموز وأحاجٍ لا تُفكّ، وإلى طلاسم لا تدرك.. هنا.. بعد هذه الصفحة أفتح أبواب التحدي.. أنت ...أيها القارئ النهم.. أتحداك أن تحل أحجية تبعثرت قطعها على عتبات الحشاشين. أتحداك.. فتسلح بكتب الأولين والآخرين، وحكمة العارفين، ودهاء الماكرين...". وهكذا فما بين عقيدة الحشاشين وفيض المعرفة البابية التي تشي بظهور المتمم (المخلص)، يبدأ العد العكسي لجني رؤوس أحفاد نعثل وزفر... وكان أولهم دكتور أزهري يُقتل في ظروف غامضة وكان قبل مقتله قد تلقى رسالة مشفرة لم يستطع فك رموزها. وبعد اغتياله يستعين الأزهر بدكتور مغربي متخصص في العقائد يدعى "مصفى آيت عدي" لفك رموزها فيكتشف الدكتور المغربي أن الرسالة تحمل في طياتها مخطط لسلسلة جرائم قتل ستحدث تستهدف علماء الأزهر وكوادره... تتوالى الأحداث حتى يقع الدكتور المغربي في يد جماعة الباب وبدلاً من قتله سوف تستفيد من خبراته في إعادة إحياء مجد الفاطمية...
ما يميز هذه الرواية أن هناك مركزية للسارد الفعلي المتشكل في حدود (الأنا)، والذي هو على الأغلب صوت الراوي/ المؤلف، الذي يعرض أمامنا قيمه ووجهة نظره بشكل مباشر، لكن هذه المركزية، لم تجعله يقدم قيمه وأيديولوجيته في فراغ، وإنما جاءت متلاحمة ومتشابكة مع إيديولوجيات أخرى، تنتمي لمدارس فكرية وفلسفية لها سلوكها وتوجهاتها ومواقفها؛ وتكمن أهميتها في كونها تتجلى في الرواية في إطار جدلي يعرض وجهات نظر مختلفة لم ينته الصراع بينها إلى اليوم. وجميعها تضع الآخر (المختلف) عنها في خانة ما يجب أن يرفض وأن يحارب وحتى أن يُقتل .. فبدت في النهاية وكأنها حلماً طوبوياً لا يستجيب الواقع لتحقيقه... وهذا يقودنا إلى التفكير بالنسق (القيمي – الفني) الذي تشكل به الخطاب الروائي هنا. واذا ما استحضرنا مقولة آلان روب جرييه في كتابه "نحو رواية جديدة" قوله: (كتابة الرواية لا يمكن أن تكون كتابة بريئة) فهذا يعني أن أي مقاربة روائية للواقع لا يمكن أن تنفصل عن المنحى الفكري أو الأيديولوجي لمن يكتب. ومهما يكن من أمر، تظل رواية «سَنَابِك» مشروعاً ثقافياً إبداعياً مميزاً وجريئاً لا ينفصل عن الواقع السياسي والاجتماعي الآني وهذا ما يكسبها مشروعيتها...
من أجواء الرواية نقرأ:
"لقد كنتُ أتحدث للتو مع فضيلة الإمام الأكبر، عبر هاتف خاص، لقد اكتست مهمتنا طابعاً سرياً خاصاً، ولن نتصل بأحد غير فضيلته… فمن يدري ما يُراد بنا!". سكت الدكتور المغربي… فمن هم هؤلاء الذين يطاردونهما؟ أيعقل أن الإسماعيليين كلهم تكالبوا عليهما واتفقوا على قتلهما؟… لا يمكن بالطبع، فإسماعيلية المجرم لا تدل على انتمائه الحركي!
فمن إذن؟ من هم هؤلاء الذين يتعقبونهما… زرع قنبلة وتجنيد من يُفجرها، مخاطراً بحياته من أجل ذلك لا يكون إلا من جماعة أو حركة منظمة لها نفوذ وأياد كثيرة!
"كبار أعضاء الأزهر الشريف… يوجد خائن بينهم!" قال حسن وهو يعض غيظاً على نواجذه".