أقرأ القصص البوليسية عوضا عن مشاهدتها مرئية كنوع من التسلية الخفيفة وسط الكتب دسمة المحتوى. قرأت للكاتب حوالي ٥ روايات متفاوتة في المستوى. لكن هذه الرواية تكاد تكون أفضلها في رأيي مع "جثة في الفندق".
تدور الأحداث حول قضيتين؛ الأولى يُكلف بها المحققان إرنالدور وماريون والثانية جهد شخصي لإرنالدور وحده.
القضية الأولى هي قتل "كريستفن" الآيسلندي والاشتباه في تورط جنود أمريكين يعملون في القاعدة الأمريكية في كيفلافك، آيسلندا في نهاية سبيعينيات القرن الماضي. طوال الرواية نظل ندور مع المحققين إرنالدور وماريون وراء الأدلة المختلفة التي تظهر تباعا لتقود لمكان واحد وهو القاعدة الأمريكية. والتي بالطبع تعد أرضا "أمريكية" ليس للشرطة الآيسلندلية سلطة قانونية عليها. فهل يستطيع المحققان تجاوز الصعوبات الناتجة عن هذه الحقيقة والاستمرار في التحقيق؟!
تخللت القضية نقاشات سياسية واجتماعية بين المحققين الآيسلنديين وضابطة الشرطة الأمريكية حول حق أمريكا في بناء قاعدة على أرض آيسلندا وحماية نفسها ضد العدو السوفييتي والغطرسة الأمريكية المعتادة في التعامل مع الشعوب الأخرى رغم وجودهم على أراضيهم واستخدامها لصالحهم.
أما القضية الثانية فكانت اختفاء طالبة في كلية البنات في أوائل خمسينيات القرن الماضي والتي لم تُحل حتى قرر "إرنالدور" فتحها مرة أخرى بعد ٢٥ عاما قبل أن تموت عمتها آخر أفراد عائلتها وهو السبب الذي أعلنه بنفسه. لم يُذكر في هذه الرواية سبب اهتمام "إرنالدور" الحقيقي بقضايا الاختفاء تحديدا. لكن في رواية أخرى سيكشف اللثام عن مدى ارتباط هذه القضايا بحياته الشخصية. وسنكتشف الكثير عن شخصية المحقق "إرنالدور" -وهو الشخصية الرئيسية في السلسلة- عندما كان شابا.
تشترك الروايات البوليسية في هدف رئيسي وهو تحقيق أقصى درجات الإثارة والغموض لقارئها والمحافظة على انتباهه لآخر صفحة. البعض ينجح وكثيرٌ يفشل. لكن الأفضلية بالنسبة لي للتي تقدم قضية اجتماعية أو فكرية أو سياسية أو إنسانية مع المحافظة على الخط الرئيسي لها فتكون المتعة والفائدة مضاعفة.